نشأة المحاسبة المالية :
كانت
أول الأشكال العملية التي ظهرت للمحاسبة المالية هو كتابة المواثيق أو
المستندات التي تثبت الحقوق بين الأطراف المدينة والدائنة وباستخدام
الأدوات القديمة كأقراص الطين لدى السومريون و الإغريق و اليونان والأخشاب
لدى الرومان وورق البردى لدى المصريون القدماء و الهنود ثم استخدموا القماش
و الجلد .
وجاء الإسلام الذي ألزم المتعاملون الماليون بكتابة الدين وبيان أجله مهما كان صغيرا أو كبيرا حيث قال تعالى :
( ياأيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه .... الآية ) سورةالبقرة الآية ( 282 )
حيث وضعت آية الدين هذه عدة ضوابط لكتابة و إخراج هذا المستند منها :
1- يجب كتابة الدين و أجله ( فاكتبوه )
2- كاتب الدين يجب أن يكون رجل عدل ذوا علم بكيفية كتابة الدين( وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله)
3- يجب
أن يدرج المدين أووكيله بالسند المبلغ الذي استدانه بالكامل ويتق الله فيه
( و ليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا )
4- ضرورةالإستشهاد برجلين أو رجل وامرأتان ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء )
5- عدم
الإستهانة في كتابة المبلغ سواء كان صغيرا أو كبيرا ( ولا تسئموا أن
تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ) لاحتمال نسيانه و إبعاد الشك و الريبة .
6- لا
بأس بعدم كتابة البيع الحاضر يدا بيد لانتفاء المحذور ( إلا أن تكون تجارة
حاضرة تديرونها بينكم ) وفيها تسهيل للمعاملات الحاضرة .
7- وعلى
كل حال من الأفضل توثيق الحقوق سواء كانت بأجل أو بدون اجل وهو من باب
الإحتياط ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) وهو الحاصل اليوم حينما تجد أنواع
المواثيق أمامك وانت فرد عادي من فواتير الشراء و البيع وعقود الخدمات .
و بالإضافة للتطور الذي أضافه الإسلام لعمليات توثيق المعاملات فإنه حينما
فرض الزكاة أقتضى حسابها و تقديرها ضرورة وجود عمليات محاسبية توثيقية و
تشغيلية تنتج معلومات تفصيلية حول موجودات الوحدة المحاسبية وحقوقها
وديونها و نتائج أعمالها وهو مايعرف اليوم بالنظم المحاسبية .
وأول مااستخدمت السجلات و الدفاتر كان في القرن الثالث عشر بأوروبا وفي
أواخر القرن الثامن عشر ومع ظهور الثورة الصناعية و تكون شركات المساهمة و
انفصال الملكية عن الإدارة وزيادة الإعتماد على عوامل الإنتاج أصبحت
المحاسبة وسيلة لتوفير البيانات و المعلومات التفصيلية التي تساعد الإدارة
في القيام بوظائفها المختلفة من تخطيط ورسم سياسات و اتخاذ قرارات ورقابة .
وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ومع كبر حجم المنشآت و
ظهور حركة إندماج الشركات و تقدم الوسائل التكنولوجية و وزيادة حدة
المنافسة في تقديم أفضل السلع و الخدمات و حاجة المستثمرين للمعلومات التي
ترشدهم لأفضل الإستثمارات أدى ذلك إلى تطور وظيفة المحاسبة و ظهور فروع
أخرى متعددة تخدم جوانب مختلفة كقياس مدى كفاءة الإدارة في المحافظة على
موارد المنشأة و الكفاءة التي تدار بها هذه الموارد .
مفهوم المحاسبة المالية :
هي
عملية تحديد و قياس الأحداث و المعاملات المالية للوحدة الاقتصادية في
إطار مجموعة من الفروض و المبادئ العلمية المتعارف عليها و تلخيصها و
إيصالها في صورة معلومات اقتصادية ملائمة وعادلة للأغراض العامة للمستخدمين
كالتقييم و اتخاذ القرارات
أهمية العملية المحاسبية :
- بالنسبة للوحدة الإدارية (المنشأة) :
تنبع
أهمية المحاسبة بإعتبارها العمود الفقري الذي يربط و ينسق و يحدد مختلف
الأدوار و الأنشطة و العمليات الإقتصادية للوحدة المحاسبية و الذي بمثابة
الأساس الصلب الذي ترتكز عليه الوحدة الإقتصادية وسط ظروف محيطية متقلبة و
متغيرة و المرجع الأول لأي عملية تخطيطية أو تنظيمية أو قرارية أو رقابية
بالوحدة الإقتصادية .
- بالنسبة للإقتصاد القومي :
علم
الإقتصاد يدرس مشكلة ندرة الموارد الإقتصادية المتاحة بالمجتمع مع زيادة
الطلب عليها و يقوم بمعالجتها من خلال التوفيق والموازنة بين الموارد و
الإحتياجات العامة لذلك المجتمع و لنلقي نظرة على موقع الوحدة المحاسبية
بالنسبة للإقتصاد القومي من خلال البيان التوضيحي التالي :
الاقتصاد القومي ( مستوى الدولة )
الاقتصاد الجزئي ( مستوى القطاع الخاص )
الوحدة الاقتصادية ( مستوى المنشأة )
الوحدة المحاسبية
- بالنسبة للأفراد ( عموم المستخدمين ) :
توفر المحاسبة المالية باعتبارها نظام للمعلومات المعلومات التي يحتاج
إليها و يترقبها المستخدمون الخارجيون وتعتبر التقارير المالية المعلنة
دوريا المصدر الرئيسي لهذه الفئة من المستخدمون بحيث تمدهم بالمعلومات التي
تكشف عن نتائج أعمال الوحدة الإقتصادية كأداة لقياس وتقييم أداء المنشأة
في خلال فترة زمنية معينة و المركز المالي للمشروع كمقياس لمدى كفاءة و حسن
إدارة الموارد و استخداماتها و المحافظة على رأس المال في ظل فريق إداري
معين و بالتالي طمأنة أولئك المستخدمون كملاك وموظفين على وضع المنشاة
المالي أو استقطابهم كمستثمرين محتملين أو حاليين أو تشجيعهم للإستمرار
كمتعاملين أو تأمين حقوقهم كمقرضين أو موردين .
الإجراءات العملية للمحاسبة المالية :
و
المقصود بالإجراءات العملية للمحاسبة المالية الواقع التطبيقي و العملي
للعملية المحاسبية و التي تبدأ بعملية التوثيق المستندي للعملية المالية
للمنشاة و تنتهي بالتلخيص المعياري .
- دليل الحسابات ( شجرة الحسابات ):
وهي
حلقة مفقودة في تدريس مادة المحاسبة حيث يجد الخريج نفسه في متاهة أمام
عمليات متنوعة ومسميات متعددة للعمليات المالية اليومية لمنشأته التي يعمل
بها فيتحتم عليه أولا البدء بتأسيس الحسابات أو بناء شجرة الحسابات حتى لا
تكون هناك ازدواجية وخلط في تصنيفها وتبويبها .
- مرحلة التسجيل :
و
تعني تسجيل الأحداث و المعاملات ذات الطابع المالي و التي يمكن قياسها
باستخدام و حدة النقد أولا بأول و حسب تسلسل تاريخ وقوعها في دفتر يطلق
عليه دفتر اليومية العامة و قد يتخذ عدة يوميات مساعدة الى جانبه .
- مرحلة التبويب :
ترحل
الحسابات المسجلة في دفتر اليومية الى مجموعة من السجلات تتضمن حسابات
مصنفة ومبوبة حسب طبيعة كل حساب ليضم اليه العناصر المتجانسة و المتشابهة
حسب أهميتها أو تكرار حدوثها و دليل الحسابات يلعب دور كبير في تحديد موقع
عنصر الحدث المالي و اتجاه مساره و تنقله بين مراحل العملية المحاسبية .
- مرحلة التلخيص :
تعتبر
مرحلة التلخيص من أصعب المراحل التي يمر بها المحاسب حيث يجد نفسه أمام كم
هائل من المعلومات المفيدة و الجيدة و الحساسة و الخطرة فتصبح عملية
إيجازها و تلخيصها في تقارير مالية تعرض لعموم المستخدمين بين شد و جذب ,
بين إملاءات الإدارة و تخوفاتها وبين قوانين التنظيمات المهنية و معايير
العرض و الإفصاح الملزمة .
هذا
التوتر يظهر عندما يقوم المحاسب بتلخيص المعلومات لعرضها للفئات الخارجية
تحت سلطة و رقابة الهيئات المنظمة للمهنة مرفقة بتقرير مراجع الحسابات
القانوني الذي يتعين عليه ابداء رأي عادل حول مدى الإلتزام بالمبادئ
المحاسبية المقبولة قبولا عاما ومعايير العرض و الافصاح الملزمة و مدى
عدالة إظهار نتائج الأعمال و المركز المالي للوحدة . ويزول هذا التوتر إذا
كان المحاسب يعد البيانات والمعلومات لخدمة إحتياجات الإدارة فيكون له حرية
صياغة التقرير من غير قيود أو معايير .
أساليب وطرق التسجيل المحاسبي :
هناك عدة طرق للتسجيل المحاسبي للعمليات المالية أذكر منها و باختصار
الطريقة الإيطالية والتي تعتبر من أبسط طرق التسجيل المحاسبي و يتم فيها
الإعتراف بالعملية المالية و بحسب طبيعتها و مسمى الحساب المدرج بدليل
الحسابات يتم تسجيلها من واقع المستند باليومية العامة ثم ترحيلها الى
التبويب المختص بها بسجل الأستاذ و الذي يتضمن جانبين ، جانب ترحل به
الحسابات التي يجعل بها هذا الحساب مدينا و جانب ترحل به الحسابات التي
يجعل بها هذا الحساب دائنا وفي نهاية فترة ما تتم مقارنة جانبي الحساب
فيظهر الفرق كرصيد يرحل للفترة القادمة .و هذا الرصيد هو ملخص التغيرات
التي طرأت على الحساب و التي سوف تؤخذ و تدرج بميزان المراجعة الذي يجب أن
تتساوى فيه أرصدة الحسابات المدينة مع أرصدة الحسابات الدائنة المفتوحة
بالمنشأة و من خلال ميزان المراجعة يتم إعداد التقارير المالية و التي من
أهمها قائمة المركز المالي و قائمة الدخل و قائمة التدفقات النقدية .
المراجع المستفاد منها :
- د محي الدين رشاد طرابزوني – الأصول العلمية لمبادئ المحاسبة المالية –الجزء الأول
- د .وابل علي الوابل – أسس المحاسبة – الجزء الأول
- د عمر حسنين – نظرية المحاسبة
إرسال تعليق