جروب معرفة المحاسبة جروب معرفة المحاسبة

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

نظرية المحاسبية

كتاب عن نظرية المحاسبية



                                                      نظرية المحاسبية

الأهداف :-
تهدف دراسة النظرية المحاسبية إلى تعميق الفهم حول الأساس الفكري الذي تقوم عليه النظرية في ضوء التطورات والمستجدات التي تشهدها المهنة والبحث المحاسبي ، والتحول من البحث عن المبادئ المحاسبية إلى البحث عن المعايير المحاسبية ، لذلك فإن هذا المقرر يناقش بصورة مستفيضة الجوانب العلمية للنظرية المحاسبية بدءاً من الوقوف على مدى الحاجة إلى هذه النظرية والبناء الفكري الذي تقوم عليه ، ثم متابعة اتجاهات البحث والتطوير وما يترتب عليه من مناهج علمية تهدف إلى تطوير النموذج المحاسبي المعاصر والوقوف على بدائل القياس المحاسبي له .

المحتوى العلمي للدراسة :-
تأسيساً على الخطة فإن المحتوى العلمي لهذه الدراسة ستتناول مناقشة هيكل جوانب النظرية المحاسبية من خلال أربعة مستويات :-
المستوى الأول :-
الحاجة إلى نظرية المحاسبة ، ويتم في هذا الموضوع التعرض إلى أهمية التأصيل العلمي في مجال المحاسبة لأغراض تطورها أكاديمياً ومهنياً حيث سيتم الإجابة على بعض الاستفسارات المثارة حول طبيعة مهنة المحاسبة والمراجعة ، وعما إذا كانت هذه المهنة يجب أن تعتمد على أصول علمية تحكم وتوجه مسارها التطبيقي ، وأين يقف المحاسبون نحو حركة هذا التأصيل ، وهذا بطبيعة الحال ينقلنا إلى معرفة مدى الحاجة إلى النظرية ، وما هو أوجه القصور في الإطار الفكري المحاسبي المعاصر ، وما هو السبيل إلى تطوير هذه النظرية وتحقيق أهدافها المرجـوة .

المستوى الثاني :-
الفكر المحاسبي بين النظرية والتطبيق ، ويتم في هذا الموضوع التعرض إلى أهمية الانتقال من النظرية إلى التطبيق من خلال مناقشة أهمية المعايير المحاسبية التي تمكن المحاسبين من ضبط وتوحيد الممارسات المحاسبية بقدر الإمكان ، وهنا يجب التنويه إلى أنه من الأخطاء الجسيمة الاعتقاد بأن تنظيم الممارسات العملية يأتي دائماً بعد الانتهاء من بناء وتطوير النظرية ، وذلك لأن عملية بناء النظرية والبحوث العلمية اللازمة لها هي عمليات مستمرة ومتجددة وغير محددة بفترة زمنية معينة ، هذا فضلاً على أن هناك مشكلات تطبيقية كثيرة لا تحتمل التأجيل إلى أن ينتهي الباحثون من وضع البناء الفكري لها . لذلك نجد كثيراً ما يتم وضع معايير محاسبية لضبط الأداء المحاسبي بناءً على اعتبارات تطبيقية (برامجاتيكية) أي تاريخية مسبقة ، الأمر الذي يؤدي للقول بوجوب تنظيم السياسة المحاسبية لتسير جنباً إلى جنب مع علمية التطوير وبناء النظرية .

المستوى الثالث :-
دراسة النموذج المحاسبي المعاصر وهو يشتمل على دراسة الخصائص الفكرية للنموذج المحاسبي المعاصر حيث نتناول مكونات الإطار المفاهيمي للنظرية المحاسبية ويتكون من الأهداف والمفاهيم الأساسية ، إلى جانب التعرض إلى أهم الفروض والمبادئ والمعايير المحاسبية القائمة والمعمول بها وهو يمثل البناء الرسمي للنظرية .

المستوى الرابع :-
دراسة اتجاهات تطوير النموذج المحاسبي ، وهو يشتمل على دراسة أهم مناهج الفكر المحاسبي المعاصر ، ثم نتناول بدائل القياس المحاسبي المعاصر ، تم نتعرض بالشرح والتحليل إلى مشكلة التغيرات في الأسعار والنماذج المحاسبية المقترحة لمواجهة هذه المشكلة.

موضوعات الدراسـة :-
1. التأصيل العلمي للمحاسبة ويشمل ملامح تطور المعرفة المحاسبية – محاولات التنظير المحاسبي بدءً من البحث عن المبادئ إلى إنشاء المعايير.
2. قراءة فلسفية في نظرية المحاسبة وتشمل محاولات بناء النظرية وتنظيم السياسة المحاسبية ، والخصائص الفكرية والعملية للمعايير المحاسبية وتنظيم عملية وضع وإصدار المعايير.
3. عرض هيكل نظرية المحاسبة وتشمل الإطار المفاهيمي للنظرية ويتمثل في الأهداف والمفاهيم ، البناء الرسمي للنظرية ويتمثل في الفروض والمبادئ المحاسبية .
4. المفاهيم الخاصة بأهداف التقارير المالية وتشمل تطور أهداف التقارير والفئات المستفيدة في ضوء تقارير بعض المنظمات والهيئات المهنية .
5. المفاهيم الخاصة بطبيعة الوحدة المحاسبية ، تشمل نظرية الملكية المشتركة ومقوماتها وآثارها ونظرية الشخصية المعنوية ، ونظرية المشروع ، ونظرية الأموال المخصصة .
6. المفاهيم الخاصة بجودة المعلومات المحاسبية وتشمل الخصائص النوعية للمعلومات المحاسبية وصفاتها الأساسية ومحددات التقرير المالي ، والجوانب الكمية والنوعية لمحددات الأهمية النسبية .
7. المفاهيم الأساسية للقوائم المالية وتشمل مفهوم قائمة الدخل ، وقائمة المركز المالي ، والتدفقات النقدية ، وقائمة التغيرات في حقوق الملكية .
8. المفاهيم الأساسية لعناصر القوائم المالية وتشمل مفهوم العناصر التي تمثل أرصدة الأصول والالتزامات وحقوق الملكية ، ومفهوم عناصر الإيرادات والمصروفات والتغيرات في حقوق الملكية .
9. الفروض المحاسبية وتشمل فرض الوحدة المحاسبية ، وفرض الاستمرارية ، وفرض الدورية وفرض وحدة القياس النقدي .
10. المبادئ المحاسبية وتشمل مبدأ القياس الفعلى ، ومبدأ المقابلة ، ومبدأ تحقق الإيراد ، ومبدأ تحقق المصروفات ، ومبدأ التكلفة التاريخية ، ومبدأ الإفصاح الشامل .
11. المحاسبة عن التغيرات في الأسعار وتشمل التغيرات في المستوى العام للأسعار، والتغيرات في المستوى الخاص للأسعار ، والتغيرات في المستوى النسبي للأسعار ، وما يرتبط بهما من مفاهيم وأراء والأساس الفكري لهما ، وتطبيقاتها العملية .

النظرية المحاسبية
الفصل الأول
التأصيل العلمي للمحاسبة والجوانب النظرية والتطبيقية للفكر المحاسبي
يثور العديد من التساؤلات حول حركة التأصيل العلمي للمحاسبة ومدى الحاجة إليها ومنها:-
v "ما هو طبيعة مهنة المحاسبة والمراجعة؟" .
v "هل يجب أن تعتمد على أصول علمية تحكم وتوجه مسارها التطبيقي؟ "
v " هل هناك قصور في الإطار الفكري المحاسبي " .
v " ما هو مفهوم النظرية وما هي عناصرها وما هو الدور المتوقع أن تقوم به في مجال المحاسبة ؟ " .
v "ما هو السبيل لبناء نظرية محاسبية تحقق أهداف التطوير المرجوة ؟ "

للإجابة على هذه التساؤلات يتطلب التعرض للتطور التاريخي في المجالات المختلفة للجانب الفكري والتطبيقي للمحاسبة ، ثم التعرض لكل من طرق ومناهج البحث العلمي لمعرفة كيفية بناء النظرية ، ثم التعرف على نظم القياس المختلفة التي يمكن الاستعانة بها لإخضاع الظواهر والمتغيرات المتعددة للدراسة والبحث.

أولاً : التطور المحاسبي :-
تؤكد الدراسات التي عنيت بالتطور المهني والأكاديمي للمحاسبة على تواجد خاصتين متلازمتين هما الاستمرارية والتغير “
Continuity and Change” فالاستمرارية في المحاسبة تعني أن كثيراً من عناصر الفكر والتطبيق قد ثبت فائدتها مما أدى إلى استقرارها واستمراريتها في التطبيق حتى اليوم على الرغم من أنها تعود إلى تاريخ نشأة المحاسبة ، وأصبح بالتالي الخروج عنها أمر يصعب قبوله .
إن خاصية الاستمرارية تتميز بجوانب إيجابية وسلبية ، فالجوانب الإيجابية لهذه الخاصة تتمثل في الحفاظ على تراكم الخبرات وازدياد النمو المعرفي في مجالات المحاسبة وأساليبها وفنياتها التطبيقية.

أما الجوانب السلبية لها فتتمثل في ما قد تترتب عليه من جمود الفكر والتطبيق المحاسبي، خاصة إذا كانت هناك مبادئ وقواعد محاسبية متعارف عليها ولا زالت مطبقة على الرغم من انتفاء المبررات المنطقية التي تستند إليها .
وفيما يتعلق بخاصية التغيير ، فهي تجسيد لديناميكية المحاسبة والقدرة على مواكبة التطور الذي تشهده بيئة الأعمال الاقتصادية والاجتماعية إلا أن التغيير يتميز بالبطيء الشديد والمتحفظ لأن التغيير في المحاسبة لا يتم إلا بعد التأكد من ضرورته وجدواه بشكل قاطع ، فليس غريباً أن يستغرق استيعاب ظاهرة معينة كظاهرة التضخم عقدين من الزمن على الرغم مما تفرضه التطورات الجذرية في المناخ الاقتصادي والاجتماعي الذي تعمل فيه المحاسبة من ضرورات التغيير ، وفعلاً نجد أن كثيراً من الأفكار والأساليب المحاسبية المتداولة حالياً لم تكن معروفة لدى المجتمع من قبل ، وهو ما يفسر لنا التطورات التي يتوقع حدوثها على النموذج المحاسبي في المستقبل .

بعض ملامح التطـور التاريخي للمحاسبة :-
·إصدار المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونيين (
AICPA)
American Institute of Certified Public Accountants” عام 1941 تعريفاً للمحاسبة على " أنها فن تسجيل وتبويب وتلخيص العمليات والأحداث المالية وتفسير نتائجها " ويلاحظ على هذا التعريف أنه يشير إلى المحاسبة كفن أو حرفة وليس حقلاً من حقول المعرفة .

·إصدارات جمعية المحاسبة الأمريكية (
AAA)
American Accounting Association” تعريفاً حديثاً نسبياً للمحاسبة " على أنها عملية تحديد وقياس وتوصيل المعلومات الاقتصادية بغرض تمكين مستخدمي هذه المعلومات من تكوين رأي مستنير واتخاذ القرارات اللازمة .
ويلاحظ على هذا التعريف أنه قد أضاف إلى التعريف السابق الأهداف التي ترمي القوائم المالية إلى تحقيقها ، أي أنه يركز على طبيعة المعلومات المحاسبية والآثار السلوكية الناتجة عنها ، مما يعني الاهتمام بالمحاسبة كنشاط خدمي وكنشاط للمعلومات وكأداة للاتصال.
·وفي عام 1975م قدمت الجمعية المذكورة تعريفاً للمحاسبة تم فيه إعادة تحديد الهدف على أنه توفير المعلومات التي يمكن أن تكون ذات فائدة في اتخاذ القرارات الاقتصادية .
مما سبق يتبين أن هناك إعادة تقييم للأهداف والمفاهيم والمبادئ التي تكون الإطار الفكري المحاسبي ، حيث تحولت المحاسبة من مجرد الاهتمام بالنواحي الحرفية المتمثلة في فن مسك الدفاتر وتنظيم الحسابات إلى كونها نظام للمعلومات وأداة اتصال مما يشير إلى الوظيفة الاجتماعية للمحاسبة .

·بناء على ما سبق يمكن تقسم التطور المحاسبي فنياً إلى أربعة مراحل هي :-
المرحلـة الأولى :- مرحلة البدء في تكوين الإطار الفني للمحاسبة .
المرحلـة الثانية :- مرحلة الاهتمام المهني والأكاديمي في المحاسبة .
المرحلـة الثالثة :- مرحلة الاهتمام بالمحاسبة كنظام للمعلومات .
المرحلـة الرابعة :- مرحلة الاهتمام بالمحاسبة عن المسؤولية الاجتماعيـة .

المرحلـة الأولى :- تكوين الجانب الفني في المحاسبة :-
تتميز هذه المرحلـة بتكوين الجوانب الفنية للمحاسبة وكان أبرزها التطور في نظام القيد المحاسبي (نظام القيد المزدوج) بغرض تحقيق أهداف ضبط ودقة وانتظام التسجيل الدفتري والوصول إلى استخراج قائمتين مترابطتين هما قائمة الدخل وقائمة المركز المالي وهما قائمتان تعتمدان على خاصية التوازن الحسابي كنتيجة طبيعية لتطبيق نظام القيد المزدوج .
وطبقاً لاستخدام نظام القيد المزدوج أصبح لدى المحاسبين ما يمكن تسميته بنظرية أو منهج (تشخيص الحسابات) أي ما يسمح بتبويب الحسابات إلى حسابات شخصية وحسابات حقيقية .

+
- ثم تطور مفهوم استخدام هذا القيد تمشياً مع احتياجات صاحب المال (المشروع) بحيث أصبح عرض الحسابات وتبويبها ينسجم مع وجهة نظر صاحب المشروع أوما عرف بنظرية (أصحاب المشروع) وهو يركز على المركز المالي لأصحاب المشروع دون الاهتمام بقائمة الدخل ، ويقوم على معادلتين رئيسيتين :-
1. الأرصدة أول المدة التدفقات النقدية خلال المدة = الأرصدة في نهاية المدة
2. حقوق الملكية (رأس المال) = الأصول – الخصوم

ونتيجة لتطور رغبات أصحاب المشروع في تحديد مدى نجاح مشروعاتهم وتقديم التفسيرات للأحداث والعمليات وأثرها على الوحدة المحاسبية ، فقد أصبح لزاماً الانتقال من نظرية تشخيص الحسابات إلى (نظرية المعاملات) حيث تم إضافة الحسابات الاسمية ، وما يتطلبه ذلك من تطبيق مبدأ الاستحقاق في إثبات المعاملات (أي مجرد تحققها وليس بالضرورة عند تحصيلها أو دفعها) وهو ما ألقى عبئاً إضافياً على المنهج المحاسبي .
وبإضافة الحسابات الاسمية أصبحت معادلة الميزانية على النحو التالي :-
الأصول + المصروفات = الخصوم + الإيرادات + رأس المال
المرحلـة الثانية :- التطوير المهني والأكاديمي :-
يلاحظ أن المرحلة السابقة قد تميزت بتطوير فنون التطبيق العملي للمحاسبة وأنها أداة رقابة داخلية على الممتلكات ، تحقق رغبات أصحاب المشروع ، إلا أنه نتيجة بعض العوامل والتحولات ، بدأ الاهتمام منذ بداية القرن التاسع عشر نحو تطوير المحاسبة مهنياً وأكاديمياً بسبب عدة عوامل أهمها :-
·ظهور الثورة الصناعية ، وما تطلبه ذلك من كبر وإتساع مجال عمل الشركات والحاجة إلى التمويل مما استدعى تطوير المبادئ والقواعد المحاسبية لتلبي حاجات الدائنين وضمان المحافظة على رأس المال ، وعدم إجراء توزيعات منه .
·ظهور الشركات المساهمة ، وما تطلبه ذلك من ضرورة تجميع رؤوس الأموال وضمان استمرارية عمل الشركات من ناحية ، والتحول نحو فصل الملكية عن الإدارة ، الأمر الذي أدى إلى بروز مفهوم أو فرض الاستمرارية وفرض الشخصية المعنوية المستقلة ، وقد كان لهذه الخاصية الأخيرة أثر كبير على المحاسبة ، حيث ظهر أهمية الدور المحاسبي في تقييم الإدارة ونتائج أعمالها من خلال إعداد قائمة الدخل والتي أصبحت تأخذ الأهمية بدلاً من قائمة المركز المالي ، مع البدء في استخدام مبدأ مقابلة الإيرادات بالمصروفات . كما كان لانتشار تلك الشركات أثر كبيراً في تدخل الدولة لضمان حد أدنى من الإفصاح للأطراف الخارجية ، وما يتطلبه ذلك من ضرورة مراجعة القوائم المالية من مثل مراجع خارجي مستقل ، وفعلاً بدأ ظهور الجمعيات المهنية وكان أولها جمعية المحاسبين في اسكتلندا عام 1854 ، ثم مجمع المحاسبين والمراجعين بإنجلترا وويلز عام 1880 ، ثم جمعية المحاسبين الأمريكيين عام 1887 .
·فرض ضرائب الدخل على الأفراد والشركات ، وما تطلبه ذلك من اتساع الطلب على خدمات المحاسبين باعتباره المحتكر لوظيفة إنتاج المعلومات المالية سواء داخل المنشأة أم خارجها .
·ظهور شركات المنافع العامة ، كشركات الكهرباء ، والهاتف ، والنقل مما أدى إلى ظهور مفاهيم الاستهلاك للأصول الثابتة التي تملكها تلك الشركات وظهور مشاكل الشهرة وتصنيف حقوق الأقلية في تلك الشركات بعد عمليات الدمج التي تعرضت لها .

وبناءً على هذه المرحلة يلاحظ أن التطور قد أصبح واضحاً في المجال المهني ، وأهمية تأسيسها على مجموعة من القيم المقبولة اجتماعياً مثل الحياد وعدم التحيز ، الصدق في التعبير ، الموضوعية في القياس ، عدالة القوائم المالية ، الإفصاح الكافي وهو ما يعرف بالمدخل الأخلاقي للمهنة والخطوة الهامة في بناء نظرية المحاسبة وبصفة خاصة في تحديد المبادئ والقواعد المحاسبية اللازمة لتحقيقها .
أما في المجال الأكاديمي فقد أصبح لزاماً على المحاسبين صياغة مفاهيم وأفكار وتنظيم إطار فكري مترابط يجمع بينهما ، ومن هنا بدأ الاهتمام بتطوير نموذج محاسبي مناسب للوحدة الاقتصاديـة .

المرحلة الثالثة :- ظهور المحاسبة الإدارية :-
ظهرت المحاسبة الإدارية وتم استخدامها كنظام للمعلومات ، وقد كان هذا التطور إستجابة طبيعية لانتشار الفكر الخاص بمدرسة الإدارة العلمية التي تنادي بشعار "ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته " “
What cannot b measured, Cannot be managed
لقد اخذ التطور نحو المحاسبة الإدارية في بادئ الأمر في شكل تحليلات لنتائج المحاسبة المالية ، إلا أن التطور التقني واستخدام الحاسوب أتاح للمحاسب المجال لتطوير مخرجات المحاسبة المالية والتركيز نحو نظام المعلومات واستخدامها في مجالات التخطيط والرقابة وبصفة خاصة في مجال ترشيد القرارات ، ومع استمرار تطور المحاسبة الإدارية والاستعانة بها في مجال الإحصاء وبحوث العمليات ، أدى إلى تطوير البيانات المالية المحاسبية وإعداد الموازنات التخطيطية وقياس التكاليف .

استمرت مسيرة تطوير الدور المحاسبي صوب الاهتمامات الإدارية عن طريق الاستعانة بفروع المعرفة الأخرى ، مما أثر على اتجاهات المحاسبة المالية ووظيفة إنتاج المعلومات وأصبحت نظاماً للمعلومات يبدأ طرفه الأول بالبيئة المحيطة (المدخلات) ، حيث يتم التعامل مع ظواهر اقتصادية واجتماعية متنوعة ومتشابكة (أحداث محاسبية) ، أما الطرف الأخر (المخرجات) فهو أيضاً بالغ الخطورة بالنسبة للنظام المحاسبي حيث تتعدد اتجاهات المعلومات المطلوبة وما يترتب عليه من تعدد الأهداف التي يجب أن تقدمها القوائم المالية.
إن النظر إلى نظام المحاسبة المالية على أنه نظام للمعلومات يبرز الحاجة إلى أهمية التأصيل العلمي إلى ثلاثة مجالات رئيسية :-
المجال الأول :- يتعلق بمدخلات النظام المحاسبي ، وهذا الجانب يتطلب تحديد المبادئ العلمية التي تحكم الأحداث والمعاملات التي يجب معالجتها محاسبياً .
المجال الثاني :- يتعلق بعملية تشغيل البيانات ، وهو يتطلب تحديد المناهج والمبادئ العلمية اللازمة لتحويل البيانات إلى معلومات .
المجال الثالث :- يتعلق بمستخدمي المعلومات (المخرجات) ، وهو يتطلب دراسات سلوكية مكثفة لاحتياجات مستخدمي هذه المعلومات ، ووضع تصور فكري للأهداف التي يجب أن يخدمها النظام .

المرحلـة الرابعـة :- المحاسبة عن المسئولية الاجتماعية :-
وتعتبر المحاسبة عن المسئولية الاجتماعية أحدث مراحل التطور المحاسبي ، فمن المعروف أن نتائج عمال الوحدة المحاسبية يؤثر في مصالح فئات عديدة أهمها المستثمرين الحالين والمرتقبين ، الإدارة ، المقترضين الحاليين والمرتقبين ، الجهات الحكومية ، العاملين في الوحدة المحاسبية ، العملاء ، الموردين ، ونظراً لاحتمال تعارض مصالح هذه الفئات ، فإن الاتجاه هو ضرورة التزام المحاسب بوجهة النظر الاجتماعية أي أن تنحو التقارير منهجاً شمولياً ، تغطي احتياجات كافة فئات المجتمع دون تغليب وجهة نظر فئة على أخرى وحتى لا تتأثر عدالة توزيع المنافع من تلك التقارير ويكون الأثر النهائي في صالح المجتمع بكامل فئاته وهو ما يعرف بمدخل الرفاهية الاجتماعية في بناء نظرية المحاسبة .
وهذا المدخل يتطلب نموذجاً محاسبياً مبنياً على أساس من القيم الاجتماعية السائدة في المكان والزمان ، مع التوسع في الإفصاح المحاسبي بغرض تغطية احتياجات كافة الطوائف ، كما يتطلب أيضاً هذا النموذج التوسع في القياس المحاسبي ليشمل الآثار الخارجية لتصرفات الوحدة الاقتصادية والمتمثلة في التكلفة الاجتماعية والعائد الاجتماعي .

ثانياً : النظرية ودورها في مجال المحاسبة :-
نتعرض في هذا المقام إلى أهمية النظرية والحاجة إليها بشكل عام وفي المحاسبة بشكل خاص ، وما هي وظائف النظرية ، وما الدور المتوقع أن تقوم به في مجال المحاسبة ، وأخيراً ما هي عناصر ومكونات النظرية .

من المعلوم أن الإطار الفكري المحاسبي في الوقت الحالي يقوم على مجموعة من الفروض والمفاهيم والمبادئ التي تحكم عمليات القياس والتسجيل والتلخيص والتوصيل ، ومن أمثلة ذلك "مفهوم الوحدة المحاسبية ، فرض وحدة القياس النقدي ، مبدأ الاستمرار ، مبدأ التكلفة ، مفهوم التحقق ، مبدأ الثبات ، سياسة الحيطة والحذر ، قاعدة التكلفة أو السوق أيهما أقل ، أساس الاستحقاق ، الأساس النقدي ، الأهمية النسبية ، مبدأ مقابلة الإيرادات بالمصروفات ، فرض الدورية ، نظام القيد المزدوج ، فرض ثبات القوة الشرائية للنقود ، مبدأ الموضوعية .

ويلاحظ على ما سبق اختلاف المسميات المعطاة لهذه المكونات (فرض ، مبدأ ، مفهوم ، قاعدة ، سياسة ، معيار.. الخ ) ، والحقيقة أنه ليس هناك مسمى واحد متفق عليه بين المحاسبين لأي من الأفكار السابقة ، فمثلاً القيد المزدوج يطلق عليه مبدأ أو نظرية أو طريقة ، كما أن هناك اختلافات تحديد المقصود من بعض المفاهيم ، فمثلاً مفهوم الاستمرارية يعرفه البعض على أن الوحدة المحاسبية سوف تبقى في مزاولة نشاطها إلى ما لا نهاية ، في حين يرى البعض أن المقصود به هو أن حياة المنشأة أطول من حياة أي أصل تمتلكه المنشأة ، وهناك تفسير ثالث وهو استمرار نمط الملكية القائم لرأس المال أو التنظيم الإداري والشكل القانوني للمنشأة .

كما أن هناك اتفاق بين المحاسبين على إعداد تقارير دورية ولكنهم يختلفون حول الفترة المحاسبية ، وكذلك مواعيد التقارير المرحلية ، كذلك هناك من يرى أن الدورية تتطلب الاعتراف بالمقدمات والمستحقات في حين نجد هناك منشآت تعد تقاريرها على الأساس النقدي أو على مزيج من أساس الاستحقاق والأساس النقدي ، كذلك هناك العديد من المفاهيم ضمن الإطار الفكري الحالي للمحاسبة غير محددة المعنى وقد لا تعدو كونها في وضعها الحالي مجرد بديهيات ومن أمثلتها (الأهمية النسبية ، الثبات ، الإفصاح ، تغليب الجوهر على الشكل"

كذلك نلاحظ أن هناك تعارضاً بين سياسة الحيطة والحذر وبين استخدام التكلفة كأساس لتقويم الأصول الثابتة ، فطبقاً لمبدأ الاستمرارية تظهر الأصول الثابتة على أساس التكلفة والتي قد تزيد عن قيمتها البيعية خاصة بالنسبة للأصول المتخصصة ، وهو يتعارض مع مبدأ الحيطة والحذر ، كما أن هناك عدم اتساق منطقي بين فرض ثبات القوة الشرائية للنقود وبين فائدة المعلومات المحاسبية مما يؤدي إلى فقدان الثقة في جدوى وفاعلية القوائم المالية .

ومن ناحية أخرى نجد أن من أخطر الانتقادات التي وجهت للمحاسبة هو عدم توفر معالجات موحدة للكثير من الأحداث المحاسبية المتشابهة ، ومن أمثلة ذلك تعدد المعالجات للمخزون السلعي كسياسة الوارد أولاً صادر أولاً ، الوارد أخيراً صادر أولاً ، المتوسط المرجح .
وفي مجال الإيرادات هل يتبع أساس الإنتاج ، أساس البيع ، أساس التحصيل ، وفي مجال الربح هل يتبع أساس الربح الشامل ، أساس ربح النشاط الجاري ، الربح بعد خصم الضرائب ، والربح بعد خصم الفوائد .
وفي مجال الاهلاكات هناك طرق متعددة كطريقة القسط الثابت ، المتناقص ، مجموع أرقام السنين ، طريقة النفاذ ..الخ

كذلك هناك مجالات متعددة أمام المحاسبة فيما يتعلق بمستوى التجميع أو التفصيل للمعلومات التي يتم الإفصاح عنها في التقارير المالية ، واختلاف طرق التبويب والعرض وتجديد المعلومات التي يجب التقرير عنها في صلب القوائم المالية .
ومن نواحي القصور الأخرى في الإطار الفكري الحالي أنه غير مكتمل بمعنى أنه لا يقدم إجابات قاطعة بالنسبة للكثير من المشكلات التي تواجه المحاسب ، مثلاً لا نجد في الإطار الفكري الحالي إجابات محددة حول بعض التساؤلات :-
·مشكلة التغير في الأسعار .
·قياس العمليات غير الملموسة (الأصول المعنوية)
·قياس التكلفة الاجتماعية والعائد الاجتماعي

وحول ما سبق يلاحظ على الإطار المحاسبي الحالي ما يلي :-
·يفتقر إلى الترابط بين مكوناته وعدم توفر معالجات موحدة لكثير من الأحداث المحاسبية المتشابهة .
·تباين الممارسات المحاسبية بالنسبة للطرق التي يستخدمها المحاسب بالإضافة إلى تباين أسس القياس والتقويم .
·لا يوجد أساس علمي يمكن الاعتماد عليه في مجال المفاضلة بين البدائل ، وإن إعداد القوائم المالية يعتمد كثيراً على الاجتهاد الشخصي ، ولعل ذلك من أحد الأسباب التي وجهت للمحاسب بالتقصير أو الوقوع تحت تأثير الإدارة أو تقديم تقارير غير موضوعية .
·إن الهجوم على الإطار الفكري الحالي قد أثير من داخل المهنة نفسها بنفس الدرجة التي أثير بها من المجتمع المالي بصفة عامة .

أمام كل ما سبق تظهر الحاجة إلى وجود نظرية محاسبية تتمثل في إطار فكري متسق ومتكامل تأخذ في الاعتبار أوجه القصور والانتقادات سالفة الذكر ، والحقيقة أن معظم المفاهيم والإجراءات التي تكون الإطار الفكري الحالي إنما تعكس اهتماماً بالنواحي الفنية والإجرائية الخاصة بالممارسات ، فهي أقرب إلى القواعد العرفية أو التقاليد أو الاصطلاحات منها إلى المبادئ العلمية .

إن مهنة المحاسبة على هذا النحو تعتبر في وضع متدن بالمقارنة بالمهن الأخرى كالطب والهندسة والمحاماة ، فعلى سبيل المثال هناك مبادئ تحكم نشاط الطبيب مستمدة بصورة مستقلة عن الممارسة العملية اعتماداً على فروع معرفة أخرى كالفيزياء ، الإحصاء ، الكيمياء وبناءً عليه فليس هناك أكثر من مسمى واحد لمرض معين ، وإذا ما قارنا ذلك بإمكانية إعداد القوائم المالية المختلفة لنفس المنشأة عن نفس الفترة ، أو إعطاء مسمى الاستهلاك لكافة طرق احتساب الاستهلاك للأصول الثابتة على الفترات المختلفة يتبين أوجه الاختلاف بين ما تتميز به العلوم الأخرى عن علم المحاسبة .

وهكذا يرى البعض أن المحاسبة بوضعها الحالي هي أقرب ما تكون إلى الفن منها إلى العلم وأن خصائص العلم لا يمكن أن تتوفر فيها ، بمعنى أنه ليس من المتوقع أن يكون هناك قوانين محاسبية ثابتة وصحيحة في جميع الظروف والأوقات كما هو الحال في العلوم البحتة أو الطبيعية ، ويبرر أصحاب هذا الرأي وجهة نظرهم بأن المحاسبة تتعامل مع ظواهر اقتصادية واجتماعية هي نتاج السلوك الانساني بخلاف الحال في العلوم الطبيعية التي تتعامل مع ظواهر طبيعية أكثر قابلية للتحديد والقياس والتنبؤ ، وبالتالي فهم يرون بأن هناك حاجة ماسة إلى نظرية المحاسبة يمكن الاعتماد عليها في توجيه الجوانب التطبيقية ، وأن الوضع الحالي للمحاسبة قاصر على مجموعة من القواعد الحكمية والاصطلاحات التي يصعب الدفاع عنها على أساس منطقي .

ومن ناحية أخرى هناك من يرى ان القواعد الاصطلاحية الموجودة لا تعيب المحاسبة، وان هناك حاجة إلى وجودها مع ضرورة وجود تحديد واضح لمجال استخدام كل منها ، فالقواعد العرفية (الاصطلاحية) والمبادئ ضرورية لكل علم ، فهي أداة لتنظيم السلوك في مجال معين حتى لا يترك المجال للاختيار تجنباً للفوضى والارتباك ، ولكن تجدر الإشارة أيضا إلى أن درجة تقدم أي حقل من حقول المعرفة تتناسب عكسيا مع درجة اعتماده على القواعد العرفية، فكلما زادت هذه القواعد العرفية في مهنة معينة، كلما ازداد مجال التدخل من جانب المهمتين بهذه المهنة كالجمعيات المهنية او الجهات الحكومية بفرض تنميط الممارسات العملية وفرض اختيارات محددة يلتزم بها الممارسون.

ثالثا: مفهوم النظرية ومنهج البحث العلمي.
تعريف النظرية:
هي بيان منظم للأفكار الأساسية والمبادئ والقوانين العامة التي ترتبط مع بعضها البعض في إطار منطقي متماسك، فهي إطار عام متسق للعناصر الفكرية الخاصة بالظواهر موضوع الدراسة، وبالتالي يمكن تلخيص خصائصها في الآتي:
1- الاتساق والترابط المنطقي للعناصر المكونة لها ( أهداف، مفاهيم، فروض، مبادئ).
2- القدرة على تفسير وتقييم السلوك والظواهر محل الدراسة.
3- القدرة على التنبؤ بالسلوك سواء من حيث دوافعه أو نتائجه.
4- توجيه السلوك بما يتفق مع القيم والاهداف .

وفي مجال المحاسبة لابد من الربط بين النظرية والتطبيق ، فالنظرية في المحاسبة تقدم شرحاً وتقييماً للواقع العملي وهي بذلك تقدم الاساس العلمي لدراسة الطرق الحالية والمقترحة وبما يحقق التوجيه والترشيد وليس مجرد التبرير والشرح للممارسات العملية وبالتالي فان النظرية في المحاسبة لا بد ان يكون لها محتوى تطبيقي، أي قابلة للتطبيق العملي.
والشكل التالي يوضح عناصر النظرية في المحاسبة:
الأهداف
المبادئ
القياس- التقويم – التحقق- الإفصاح
أدوات التطبيق العملي
طرق- قواعد- أساليب- إجراءات
المفاهيم
الفروض










من الشكل السابق يتبين ما يلي :-
§ إن الأهداف هي نقطة البداية في بناء أي نظرية ، وفي مجال المحاسبة فإن تجديد الأهداف يستلزم دراسة سلوكية وميدانية للتساؤلات التالية :-
v ما هي الطوائف المستخدمة للقوائم المالية .
v ما هي احتياجات كل طائفة .
v ما هو أثر الطرق والمبادئ المحاسبية البديلة على سلوك ومصالح مستخدمي القوائم المالية .
v ما هي مجالات التعارض بين احتياجات الأطراف المختلفة المستخدمة للقوائم المالية .
§ إن المفاهيم هي عبارة عن مجموعة متجانسة من الأفكار الأساسية تحدد لنا ماهية العناصر أو الظواهر موضوع الدراسة ، فهي تمثل بناءً وإدراكاً ذهنياً لجوهر العناصر التي تحدد لنا ماهية الفروض والمبادئ .

وإن الغرض من تحديد المفهوم هو إرساء معنى محدد لعنصر معين عن طريق استخلاص صفاته أو خصائصه الجوهرية وعلاقته بالعناصر الأخرى .
والمفاهيم تختلف عن التعاريف (
Definitions) في أن الأخيرة هو ما جرى عليه الاستخدام لمصطلح معين بين المهتمين في نفس المجال ، مثل تعريف مصطلح مدين ، دائن ، الحساب ، أما المفاهيم كلغة علمية فهي أكثر شمولاً واتساعاً وهي تتميز بخاصيتين رئيسيتين هي :-0
· أن تكون عملية
Practical أي قابلة للقياس .
· أن تكون إجرائية
Operational بمعنى أن يشتمل المفهوم على مضمون يوضح إجراءات تحديده .

وفي المحاسبة يوجد عدد وفير من المفاهيم مثل :-
1- مفاهيم خاصة بالوحدة المحاسبية (أصحاب المشروع ، الشخصية المعنوية المستقلة).
2- مفاهيم خاصة بالقوائم المالية (قائمة الدخل ، قائمة المركز المالي ، قائمة التدفق النقدي) .
3- مفاهيم خاصة بعناصر القوائم المالية (الأصول، الخصوم، التكلفة، الإيرادات، المصروفات، الدخل، الأرباح والخسائر) .
4- مفاهيم خاصة بجودة المعلومات المحاسبية (الملائمة، الثقة، الثبات، الأهمية النسبية، الحياد) .
إن الأهداف والمفاهيم تشكل الإطار المفاهيمي للنظرية والتي تبنى عليها العناصر الأخرى كالفروض والمبادئ، فهذا الإطار يمثل البنية الأساسية التي يتأسس عليها الفروض والمبادئ .

وفيما يتعلق بالفروض فهي عبارة عن مقدمات علمية تتميز بالعمومية وتتمثل في مجموعة من الحقائق التي تعد من نتائج البحث في ميادين المعرفة الأخرى، ويشترط في الفروض أن تكون قليلة العدد حتى لا يتعرض الباحث لاحتمالات الخطأ في عملية الاستدلال المنطقي، وأن تكون مستقلة عن بعضها البعض، وإلا يتم الوقوع في أخطاء استنتاج فرض من فرض آخر .
وأن تكون غير متعارضة، وإلا نتج عن ذلك مبادئ غير متسقة منطقيًا. وإن اختبار الفروض في مجال المحاسبة يتطلب الحرص الشديد من جانب الباحث وهذه الفروض تكون :-
- فروض وصفية (وضعية)
Descriptive or possitive .
- أو فروض قياسية أو توصيفية
Prescriptive or Normative .
ومن الأمثلة على الفروض الوصفية ((معظم السلع والخدمات المنتجة يتم توزيعها عن طريق التبادل ولا تستهلك ذاتيًا بمعرفة المنتجين)) .

وأما الفروض القياسية فهي تتعلق بما يجب أن يكون عليه البناء الفكري مثل فرض الاستمرارية في المحاسبة، وقد أثبت فائدته في إثراء الفكر المحاسبي بشكل ملحوظ.

وفيما يتعلق بالمبادئ
Principies فهي قانون عام يتم التوصل إليها عن طريق ربط الأهداف مع المفاهيم مع الفروض، وبالتالي فإن المبادئ هي جوهر النظرية وتمثل قمة البناء الفكري لها .

وقد تكون هذه المبادئ أولية وهي بذلك تعتبر مرحلة من مراحل البحث العلمي وبالتالي يطلق عليها (فروض علمية)، والهدف منها هو التوصل إلى مجموعة من المبادئ العلمية النهائية التي تحكم النظام أو مجال الدراسة .
فالمبادئ العلمية هي قمة البناء الفكري، ولا تقوم النظرية بدونها، وإلا أصبحت مجرد ملاحظات أو أفكار مبعثرة .
وفي المحاسبة ونظرًا لأهمية الجانب التطبيقي، فإن المبدأ يجب أن يتضمن التعليمات اللازمة والضرورية لترشيد الممارسات العملية ، مما يستلزم أن يتسم بالإتساق المنطقي مع الأهداف والمفاهيم والفروض من ناحية، وأن ثبت صحته وصدقه في التطبيق العملي.
وفيما يتعلق بأدوات التطبيق العملي، فهي تشتمل على الأنظمة والقواعد والطرق والأساليب التي يتم من خلالها تطبيق المبادئ العلمية، وفي مجال المحاسبة يعتبر الجانب التطبيقي العلمي الذي يستند إلى قواعد وأسس علمية هام جدًا لأن النظرية هي الوسيلة للوصول إلى ممارسات عملية وسليمة.

إن توفر هذه الخصائص في مجال المحاسبة سوف يجعل من النظرية أداة نافعة في مجال التطبيق العلمي، ومن البديهي أن التوصل إلى هذه الخصائص يتطلب ضرورة الالتجاء إلى أصول البحث العلمي للوقوف على المناهج المتبعة وأهميتها في تطوير النظرية ودور البحث المحاسبي فيها .

1- المنهج العملي :
طبقًا للمنهج العملي
Practical approach يتم التوصل إلى مجموعة المبادئ التي تتكون منها النظرية عن طريق الملاحظة واختبار التطبيق العملي، حيث تعتبر أن مجموعة الممارسات العملية هو الأساس في تحديد النظرية، وبالتالي فإن أي نظرية ليست لها استخدامات عملية تعتبر نظرية غير سليمة .

وفي مجال المحاسبة نجد أن أغلب المبادئ المحاسبية الموجودة حاليًا هي مجرد ممارسات مهنية نالت قبولاً عامًا بين المحاسبين حيث استقرت وثبت فائدتها مع مرور الزمن، وهو المنهج الذي اتبعته الجمعيات المهنية في معظم دول العالم، وأن الهدف من البحوث الذي تجريه تلك الجمعيات هو اكتشاف الممارسات التي تلقى قبولاً عامًا والتي تأكد فائدتها بالنسبة لاحتياجات المحاسبة أو الإدارة أو مستخدمي التقارير المالية.
ومن الأمثلة على استخدام المنهج العملي في هذا المجال هو قاعدة التكلفة أو السوق أيهما أقل فقد كان استقرار هذه القاعدة نتيجة لاكتشاف فائدتها في إعداد القوائم المالية من وجهة نظر المقرضين لأن احتياجات هذه الطائفة تنبع من رغبتها في إظهار الأصول والخصوم مقومة على أساس من الحيطة، كما نال الأٍسلوب المحاسبي المتبع في تطبيق قاعدة الوارد أخيرًا يصرف أولاً قبولاً لدى المحاسبين في ظل الارتفاع العام للأسعار ، أو لأغراض تكوين احتياطات سرية بالنظر لما يحققه من وفورات ضريبية للمنشأة .
الانتقادات الموجهة للمنهج العملي :
وجهت العديد من الانتقادات للمنهج العلمي كأسلوب لبناء وتطوير النظرية المحاسبية ومن ذلك :
- أن خاصية الفائدة أو المنفعة التي يقوم عليها المنهج العملي قد تصلح لطائفة دون أخرى فضلاً على أنه لا يمكن تحديدها بشكل غير قابل للجدل، فقد تكون التقارير الصادرة عن المنشأة تخفي عدم كفاءة التشغيل لمصلحة الإدارة ولكن ذلك يضر بمصالح المساهمين، كما أن ما يعتبر مفيدًا في مجال تحديد الربح الخاضع للضريبة سوف يختلف من وجهات نظر أخرى. وهكذا فإن خاصية الفائدة تثير مشكلات عديدة تتعلق بالحياد والإنصاف والعدالة وهي أمور يصعب إخضاعها للقياس ولا تصلح كأساس مناسب للبحث العلمي.
- لا يوفر المنهج العملي وسيلة منظمة لاستبعاد الممارسات غير المرغوبة لعدم اعتماده على الاستدال المنطقي، كما لا يوفر أساس علمي للاختيار بين البدائل المحاسبية المتاحة مما سيترتب عليه استمرار المشاكل دون وجود حلول علمية لها .
- إن الاعتماد على المنهج العملي كأسلوب وحيد للمبادئ المحاسبية سوف يؤدي إلى تجميد الفكر المحاسبي، لأنه بذلك لا يشجع على البحث العلمي ويتعارض مع متطلبات التقدم والتطور، ويجعل من النظرية غير قابلة لمواكبة التغير المستمر في الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
- وهذا وعلى الرغم من تلك الانتقادات إلا أنه يجب الاعتراف بأن اتباع هذا الأسلوب في بداية مراحل تطور المحاسبة قد أفرز بعض القواعد العرفية التي لا زالت تستخدم حتى اليوم في حل بعض المشكلات المحاسبية، وفي ترشيد السلوك المهني، وكانت هذه القواعد تستمد قوتها الملزمة من تكرار تطبيقها والتعارف على صحة النتائج التي تؤدي إليها، وبهذا نشأ نوع من العرف المحاسبي الذي يشبه إلى حد كبير العرف القانوني ولا زال يعرف حاليًا باسم المبادئ المحاسبية المتعارف عليها (
GAP )
Generally Accepted Accounting principles
2- المنهج العلمي :
إن متطلبات تطوير النظرية تحتاج إلى استخدام منهج البحث العلمي، وهذا البحث يقوم على أساس الاستدلال المنطقي بأسلوب الاستقراء أو الاستنباط
(
inductive or Detective )
ويمكن تلخيص دورة هذا البحث في (الملاحظة أو المشاهدة) ثم وضع الفروض ثم اختيار الفروض وإجراء التجارب، ثم التوصل إلى النتائج .
أ‌- البحث الاستقرائي :-
يتم الاستدلال المنطقي وفقًا للاستقراء بناءً على ملاحظة حالة أو حالات خاصة، ثم اشتقاق نتيجة أو مقدمة عامة يمكن تعميمها على المجتمع محل الدراسة، أي يتم الانتقال من الجزيئيات إلى العموميات .
وفي مجال المحاسبة يتطلب تطبيق المنطق الاستقرائي القيام بتجميع الملاحظات أو المشاهدات وقياس الظواهر من خلال عدة طرق كقوائم الاستقصاء، وإجراء التجارب العملية ودراسة الأرقام المحاسبية، ودراسة سلوك أسعار الأسهم … إلخ ، وبذلك يمكن استخلاص بعض الفروض العلمية ومن ثم التوصل إلى المبادئ العلمية وإعطائها صفة العمومية .

ب‌- البحث الاستنباطي :-
وهو على عكس المنطق الاستقرائي حيث يبدأ الباحث بمقدمة عامة وعن طريق الاستدلال المنطقي يقوم بإثبات أن هذه المقدمة العامة تنطبق على حالة أو حالات خاصة، أي الانتقال من العموميات إلى الجزيئات، أي نبدأ بالفروض وباستخدام التبرير المنطقي يتم استنباط النتائج .
وفي مجال المحاسبة يتم تطبيق الأسلوب الاستنباطي كما يلي :-
- تحديد أهداف التقارير المالية .
- تحديد الفروض المحاسبية الأساسية .
- تحديد القيود الخاصة بقياس واستخدام المعلومات المحاسبية .
- تحديد الإطار الذي يتم فيه عرض المعلومات (مثلاُ القيد المزدوج) .
- تحديد المفاهيم و المصطلحات المحاسبية .
- استنتاج المبادئ العامة والطرق والقواعد اللازمة للتطبيق .
وحول استخدام كل من الأسلوب الاستقرائي والأسلوب الاستنباطي يلاحظ ما يلي :-
* لا يخلو الأسلوب الاستقرائي من القصور بسبب اعتماده على عينة من المجال مما يجعل النتائج احتمالية .
* غالبًا ما يكون الباحث خاضعًا لبعض المعتقدات التي يجب أن تكون عليه الظاهرة، فعند قيام الباحث الاستقرائي على سبيل المثال بدراسة أثر القوائم المالية على سلوك أسعار الأسهم والسندات في سوق الأوراق المالية، إنما يعني أن هناك علاقة بين الأرقام المالية وبين أسعار الأوراق المالية.
· إن الاعتماد على الأسلوب الاستنباطي بمفرده قد يؤدي بنا إلى مبادئ محاسبية غير مألوفة ولا تتفق مع متطلبات التطبيق العملي .
وللخروج من هذه المشكلة نجد أن استخدام الأسلوب الاستقرائي غالبًا ما يتطلب تفكيرًا استنباطيًا مسبقًا، لذلك فإن استخدام الأسلوبين معًا يشكلان عمليتان متكاملتان في تكوين النظرية، بحيث إذا استخدام أحداهما في تكوين النظرية استخدم الآخر في تحقيقها. فمثلاُ استخدام المقدمات في الأسلوب الاستنباطي لا يتم بصورة عشوائية، وإنما يتم تحديدها بناءً على أكبر مدى ممكن من الخبرة التي تستلزم الركون إلى الأسلوب الاستقرائي لطلب هذه الخبرة .

ج- البحث التجريبي :-
يعتبر البحث التجريبي العنصر الثالث الذي يكون مع البحث الاستنباطي والبحث الاستقرائي مكونات المنهج العلمي، ويتم في هذا البحث الربط بين مقدمات ونتائج النظرية وبين مجريات الواقع العملي بهدف التأكد من مدى احتواء النظرية على مضمون عملي والتثبت من صحتها، ويتم تحقيق ذلك عن طريق تكوين مقدمات وفروض قابلة للتجريب والاختبار العملي .
وتعتبر الدراسات التجريبية أمرًا ضروريًا لتحديد مدى قدرة النظرية على شرح وتفسير الظواهر الخاضعة للقياس ومدى صحة التنبؤات التي توفرها لنا هذه النظريات . من هنا تظهر أهمية التجريب في أية محاولة لبناء أو تطوير نظرية للمحاسبة سواء أكان الأسلوب المستخدم في البحث أسلوبًا استقرائيًا أو أسلوبًا استنباطيًا .

رابعًا: القياس المحاسبي
يعتبر القياس أحد الوظائف الأساسية في المحاسبة، كما أن كثيرًا من الدراسات المحاسبية تعتبر القياس أحد الفروض العلمية الأساسية للمحاسبة، والتعريف العام للقياس هو مقابلة أو مطابقة أحد خصائص أو جوانب مجال معين بأحد جوانب أو خصائص مجال آخر، وتتم هذه المقابلة باستخدام الأرقام أو الدرجات أو الكميات، ويفضل أن تكون المقاييس كمية لما لها من أثر في زيادة دقة التعاريف، وبالتالي فإن المكونات الرئيسية لعملية القياس هي :-
1- تحديد الخواص المطلوب قياسها، فعملية القياس بالنسبة للأصول مثلاً ليست موجهة نحو تحديد وزنها أو طولها أو مساحتها، إنما ما تحتويه هذه الأصول من خدمات متوقعة (قيمتها) .
2- تحديد وحدة القياس، ويشترط أن تكون وحدة القياس ثابتة ومتجانسة حتى تكون النتائج قابلة للتجميع والمقارنة، ومن المعروف أن وحدة القياس في المحاسبة هي النقد الذي يتم التعامل به .
وتجدد الإشارة أن المكون الأول لعملية القياس يمثل جانب النظرية وهو الذي يختص بتحديد الخصائص والعلاقات، أما المكون الثاني فهو يمثل الجانب الفني لعملية القياس، ولا بد من توفر الجانبين حيث أن كل منهما يكمل الآخر، ولأن النظرية دون قياس هو مجرد فكر نظري كما أن القياس غير المبني على النظرية يعتبر عملاً غير هادف .

أنواع نظم القياس :

1- نظام القياس الاسمي :-
يستخدم في هذا النظام الأرقام للتدليل على الأسماء وللتمييز بين العناصر، كما في حالة ترقيم الحسابات، حيث نعطي مثلاً مفردات الأصول رقم (1)، ومفردات الخصوم رقم (2)، ومفردات الإيرادات رقم (3)، ومفردات المصروفات رقم (4)، ويظهر ذلك واحتمال في دليل الحسابات
Chart of Account للوحدة المحاسبية .

ويلاحظ أن هذا النظام لا يوفر معلومات عن ترتيب العناصر والمسافات وليس له نقطة أصل حسابية، وبالتالي لا يمكن إجراء عمليات حسابية على ناتج هذا النظام سوى عدد الحالات التي تنتمي إليها كل مجموعة، أي تحديد أي الفئات التي يوجد بها أكبر عدد من العناصر، ويمكن أن يستخدم لذلك المنوال كأحد مقاييس النزعة المركزية.

2- نظام القياس الترتيبي :-
يستخدم هذا النظام الرموز للتدليل على الأسماء والتمييز بين العناصر، ويشمل هذا النظام خاصية الترتيب الطبيعي للعناصر إذا توافرت بيانات عن القيم الأكبر والقيم الأقل مثل:
أ < ب < ج أو 10 < 12 < 20 وهكذا
وفي مجال المحاسبة يمكن استخدام النظام لدى تبويب عناصر الميزانية (الأصول) مثلاً حسب درجة سيوله كل أصل بالنسبة للأصول الأخرى .


3- نظام القياس الفتري :
يستخدم هذا النظام للتدليل على الفروق بين العناصر المختلفة بدءًا من نقطة الصفر، وفي مجال المحاسبة يمكن استخدام القياس الفتري للتعبير عن سلوك التكاليف شبه المتغيرة .

4- نظام القياس النسبي :-
يستخدم هذا النظام للتدليل على النسب بين قيم العناصر المختلفة، وفي مجال المحاسبة يمكن استخدام هذا النظام من خلال القياس العيني أو القياس المالي للعناصر،ويتم هذا القياس فعليا أو تنبؤيًا مثل تحديد قيمة المخزون السلعي في تاريخ الميزانية يعتبر قياسًا فعليا، أما تحديد دخل الفترة المحاسبية فيمكن استخدامه كأساس للتنبؤ بمقدار التوزيعات المتوقعة خلال الفترة المالية .
وحول ما سبق، لا بد من توفر الموضوعية في نظم القياس، وخاصة في مجال القياس المحاسبي مما يتطلب ما يلي :-
1- يجب الابتعاد قدر الإمكان عن عنصر الاجتهاد والتقدير الشخصي، غير أن تطبيق هذا الأمر في مجال المحاسبة قد يكون مستحيلاً بسبب وجود بعض العمليات التي تخضع للاجتهاد كتقديرات المخصصات وغيرها .
2- يجب توافر دليل إثبات يمكن التحقق منه، مثل قياس إيرادات الفترة المحاسبية عند إثبات عملية البيع أو عند إثبات عملية الإنتاج، ولكن يلاحظ أن القدرة على التحقق من وجود دليل الإثبات لا يقطع بصحة طريقة القياس ولا صحة النتائج .
3- يجب أن يكون نظام القياس قابل للتكرار، أي يتم استخدام نفس قواعد وأسلوب القياس وفي هذه الحالة إذا ما قام شخص أو أكثر مؤهلين تأهيلاً علميًا ومهنيًا بعملية القياس بصورة مستقلة فإنهما يصلا إلى نفس النتائج .
4- يجب أن يكون نظام القياس يحقق نتائج متساوية من حيث القيمة، وفي هذه الحالة يكون تشتت القيم التي يتم الحصول عليها من قبل أكثر من شخص أقل درجة ممكنة . وترتيبًا على ما سبق فإن درجة الاعتماد على مقياس دون آخر يجب أن يتوفر فيهما خاصية القابلية للتحقق من القياس وخاصية عدم التحيز .
وحيث أن القياس المحاسبي يعتمد على القياس المالي من خلال وحدة النقد التي يجري التعامل بها فلا بد في هذه الحالة من الاعتماد على مجموعتين من الفروض لأغراض التقديرات المحاسبية تتعلق بالكميات وأخرى تتعلق بالأسعار .
ومن الأمثلة على التقديرات المحاسبية : -
· المدينون وأوراق القبض لأغراض تقدير الديون المشكوك فيها .
· المخزون السلعي لأغراض تطبيق قاعدة التكلفة أو السوق أيهما أقل ومن ثم تقدير نسبة الربح العادي .
· الأصول الثابتة لأغراض تقدير العمر الإنتاجي وقيمة الخردة وتقدير توزيع القيمة على الفترات المختلفة .
· الموارد الطبيعية حيث يقدر الاحتياطي من المورد الطبيعي لغرض تقدير معدل النفاذ .
· الأصول غير الملموسة حيث تقدر الفترة التي تستفيد من وجودها .
· العقود في أعمال المقاولات حيث يتم تقدير درجة الاكتمال بالنسبة للأعمال تحت التشغيل.
· التكاليف غير مباشرة حيث يقدر نصيب وحدة المنتج النهائي منها .
· التكاليف النمطية أو المعيارية حيث يقدر مستوى الكفاية ومستوى الأسعار بتحديد هذه التكلفة مقدماً .
وحيث أن هذه التقديرات تعتمد على إجراءات قياس غير مؤكدة فإن تحديد الدقة المطلقة فيها يعتبر أمراً مستحيلاً لذلك تعتبر عملية القياس عملية معقدة ومتشابكة وغالبًا ما تكون عرضة لحدوث أخطاء، ورغبة من جانب المحاسب لتطوير قياساته بدأ يتجه نحو الاهتمام والاعتماد على الأساليب الإحصائية لتحديد درجة الخطأ في التقدير وذلك للتغلب على ظاهرة ومشكلات التقدير في القياس المحاسبي .
أما بالنسبة لظاهرة عدم التأكد وأثرها على القياس المحاسبي فإن موقف المحاسب منها كان عن طريق استخدام سياسة الحيطة والحذر وهي سياسة لا زال الفكر المحاسبي ينظر إليها على اعتبار أنها من أهم المبادئ المحاسبية، وطبقًا لذلك يقوم المحاسب بإتباع القواعد التالية :-
- تأجيل الاعتراف بالإيرادات والمكاسب بقدر الإمكان .
- تعجيل الاعتراف بالمصروفات والخسائر بقدر الإمكان .
- اختيار أقل القيم الممكنة للأصول والإيرادات والمكاسب .
- اختيار أعلى القيم الممكنة للخصوم والمصروفات والخسائر .
الفصل الثاني
الفكر المحاسبي بين النظرية والتطبيق
تبين لنا من الفصل السابق أهمية التأصيل العلمي مهنيا وأكاديميا لتطوير النظرية المحاسبية ، كما تبين أيضاً أن بناء النظرية المحاسبية ليس هدفاً في حد ذاته ، وإنما وسيلة لضبط وترشيد الممارسات، كما أنه من الخطأ الاعتقاد بأن تنظيم الممارسات العملية يأتي دائماً بعد الانتهاء من تطوير وبناء النظريات ، وذلك لأن عملية البحث العلمي اللازمة للتطوير هي عملية مستمرة وغير محددة بالفترة الزمنية، كما أن هناك مشكلات تطبيقية لا تحتمل التأجيل حتى يتم استكمال البناء الفكري للنظرية ، لذلك فإن كثيراً ما يتم وضع معايير للمحاسبة بناء على اعتبارات عملية، كما أنه في المقابل يتم الانتقال من النظرية إلي التطبيق من خلال المعايير التي تمكن الممارسين من توحيد الممارسات المحاسبية، وعليه يمكن القول بأن بناءوتنظيم السياسة المحاسبية يجب أن يسير جنباً إلي جنب مع عملية تطوير بناء النظرية، وسنحاول في هذا الفصل مناقشة الموضوعات التالية:
1. محاولات بناء النظرية .
2. تنظيم السياسة المحاسبية .
3. معايير التطبيق العملي .
4. توحيد التطبيقات المحاسبية.
أولاً: محاولات بناء النظرية المحاسبية
كان الاهتمام بنظرية المحاسبة في بدايـة الأمر يعتمد بصورة مطلقة على المنهج العملي (
PRAGMATIC ) وهو المنهج الذي يقوم على التطبيق العملي ، إلا أنه ومع بداية القرن العشرين اتجه الاهتمام نحو الاعتماد على أصول ومناهج البحث العلمي لبناء النظرية .

أ-محاولات الباحثين والرواد : -
قام الباحث (
WILLIAM PATON ) صاحب أول محاولة عملية لبناء النظرية سنة(1916) وقد اتبع المنهج الاستنباطي في تحديد فروض المحاسبة وهي :
§ فرض الوحدة المحاسبية (
THE ACCOUNTING ENTITY ) .
§ فرض الاستمرارية (
GOING CONCERN ) .
§ فرض معادلة الميزانية (
EQUALITY OF ASSETS AND LIABILIES ) .
§ قائمة المركز المالي وعدم تغير وحدة القياس (
STATEMENT OF FINANCIAL CONDITION AND UNCHANGING MEASURING UNIT ) .
§ التصاق أو تتبع التكلفة (
COAST ATTACH ) .
§ استحقاق المصروفات وتحقيق الايرادات أو الأرباح (
A CCRUAL OF EXPENSES AND REALIZATHIN REVENUE OR PROFIT كما تناول الاستاذ JOHN CANNING) ) من جامعة كاليفورينا الفكر المحاسبي من خلال النظرية الاقتصادية وحاول تطويع المناهج الاقتصادية للاستخدامات المحاسبية .

كما كان للفكر الاقتصادي الخاص بالأستاذ فيشر (
FISHER ) أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورينا أكبر أثر على البحوث المحاسبية .
ومن الشخصيات البارزة أيضاً الأستاذ (مونتجمري) الذي حاول بناء نظرية للمراجعة والأستاذ (ستيفن جيلمان) الذي كان لمجهوداته أثر وافر على كثير من المفاهيم المحاسبية وبصفة خاصة مفهوم الدخل المحاسبي ، كما كان من أهم الرواد في محال بناء النظرية المحاسبية، الأستاذ (ليتلثون) الذي أصدر مؤلفة بعنوان هيكل نظرية المحاسبة، وفي عام 1940 نشر مؤلف مشترك للأستاذين باتون وليتلثون كان بمثابة علامة بارزة في تاريخ الفكر المحاسبي، وقد جاءت الفروض المحاسبية في هذا المؤلف على النحو التالي :-
§ الوحدة المحاسبية .
§ الاستمرارية .
§ اعتبارات القياس .
§ تتبع أو التصاق التكلفة .
§ المجهودات والأداء .
§ دليل موضوعي قابل للتحقق .

ب- جهود جمعية المحاسبين الأمريكية
AAA (AMERICAN ACCOUNTIN ASSOCICATION ) :
وهي جمعية علمية تضم أكاديميين في مجال البحث العلمي في ا لجامعات وقد أعتمدت بحوث هذه الجمعية في البداية على خاصيتين أساسيتين هما الأسلوب الاستنباطي في البحث العلمي ثم الفكر السائد في النظرية الاقتصادية .
وقد أصدرت الجمعية تقريرها عام 1957 وعرفت الإيراد على أنه القيمة الاجمالية للإنتاج الذي يتم تصريفه خلال فترة، وأن الأصول هي إجمالي الخدمات المتوقع الاستفادة منها مستقبلاً ، وأن المصروفات والخسائر هي تكاليف تم استنفاذها خلال فترة ، وأن حقوق الملكية هي الحقوق المتبقية في أصول الوحدة المحاسبية ، وجاء في التقرير أيضاً أربع فروض أساسية في المحاسبة هي فرض الوحدة المحاسبية، وفرض الاستمرارية ، وفرض القياس النقدي، وفرض التحقق .
وقد تلا هذا التقرير تقريرين آخرين مكملين له أحدهما خاص بتقويم المخزون والآخر خاص بتقويم الأصول المعمرة .
وفي عام 1964 قامت الجمعية بتعيين لجنة بهدف بناء وتطوير نظرية للمحاسبة، وأصدرت تقريرها عام 1966 بعنوان النظرية الاساسية للمحاسبة جاء فيه تحديداً لكل من: -
1. أهداف المحاسبة (
OBJECTIVES OF ACCOUNTING ) .
2. معايير للمعلومات المحاسبية (
STANDARS OF ACCOUNTIN INFORMATION ) .
3. إرشادات لعملية توصيل المعلومات (
GUIDELINES FOR COMMUCITAITING ) .

وقد جاءت أهداف المحاسبة في هذا التقرير مرتبطة باحتياجات مستخدمي التقارير المالية مما يعتبر أول تحول في البحث المحاسبي اتجاه النفعية بحيث تغطي كل من الاستخدامات الخارجية التقليدية للمحاسبة المالية ، والاستخدامات الإدارية الداخلية ، كما أكد التقرير على قدرة المعاملات المحاسبية في التنبؤ وأهميتها في مجال اتخاذ القرارات ، وفيما يتعلق بالمعايير فقد أكد التقرير أنها تمثل الأساس لتقييم جودة المعلومات من خلال المعايير الآتية : -
§ معيار الملاءمة (
RALEVENCE ) .
§ معيار القابلية للتحقق (
VERIFIABILITY ).
§ معيار التحرر من التحيز (
FREEDOM FROM BIAS ) .
§ معيار القابلية للقياس الكمي (
QUANTIFLABILITY ) .

ويلاحظ أن هذا التقرير يمثل نقطة تحول جوهرية في أسلوب صياغة النظرية حيث أن خرج عن الاتجاهات التقليدية من ناحيتين:-
الأولي:- لم يحصر التقرير اهتماماته بمشاكل تحديد و قياس عناصر الدخل كما كان يحدث في السابق. الثانية أن التقرير قد خرج عن الاهتمام التقليدي بتحديد الفروض والمبادئ العلمية واتجه نحو تحديد الأهداف والمفاهيم باعتبار أنها تمثل الإطار المفاهيمي (
CONCEPTUAL FRAMEWORK ) الذي تبني عليه الفروض والمبادئ.

وفي عام 1977 أصدرت الجمعية تقريراً بعنوان نظرية المحاسبة تعرضت فيه إلي مناهج مختلفة لبناء النظرية وهي:-
1. المنهج التقليدي الي يركز على مشاكل تحديد وقياس الدخل.
2. منهج اتخاذ القرارات وفيه يتم التركيز على احتياجات مستخدمي التقارير المالية .
3. منهج اقتصاديات المعلومات ويهدف في البحث عن تحديد التكاليف والمنافع المرتبطة بإنتاج استخدام المعلومات المحاسبية .

ج- جهود مجمع المحاسبين الأمريكي (
AICPA).
بدأ المجمع الامريكي للمحاسبين القانونيين جهوده في إطار وضع نظرية للمحاسبة عام 1958 من خلال تنظيم جديد يتعلق بالنشاط البحثي والاخر يتعلق بتأسيس مجلس المبادئ المحاسبية بهدف تكثيف جهود البحث العلمي من ناحية وتوجيه الممارسات المهنية وتضييق شقة الخلاف في التطبيق العلمي .
وفي عام 1961م صدرت أول دراسة بحثية حول الفروض المحاسبية كما يلي : -
1- فروض تتعلق بالبيئة المحاسبية وتشمل :
§ التعبير الكمي
QUANTIFICATION
§ التبادل
EXGHANGE
§ الوحدات المحاسبة
ENTITIES
§ الفترات المحاسبية
TIME PERIOD
§ وحدة القياس
UNIT OF MEASURE
2- فروض تتعلق بالمجال المحاسبي وتشمل :
§ القوائم المالية
FINANCIAL STATEMENT
§ أسعار السوق
MARKET PRICES
§ الشخصية المعنوية
ENTITIES
§ عدم التأكد (التقريب)
TENTATIVENSS

3- فروض واجبة :
a. الاستمرارية CONTINITY
b. الموضوعية OBJECTIVITY
c. الثبات ( التجانس ) CONSISTENCY
d. وحدة القياس الثابتة STABLE UNIT
e. الإفصاح DISCIOSURE

وفي عام 1962 تم اصدار (8) مبادئ محاسبية إستناداً إلي تلك الفروض هي :
1. يتولد الربح نتيجة لكافة أنشطة المشروع ، ولا يعزي لمرحلة معينة أو نشاط معين .
2. يجب تبويب التغير في موارد الوحدة الاقتصادية إلي :
Ø تلك الناتجة عن التغير في المستوي العام للأسعار .
Ø تلك الناتجة عن التغير في التكلفة الاستبدالية للموارد .
Ø تلك الناتجة عن المبيعات أو الاعتراف بصافي القيمة البيعية للموارد .
Ø تلك الناتجة عن أسباب أخرى .
3. يجب إثبات كافة أصول المشروع بغض النظر عن مصدر التمويل أو كيفية الحصول عليه.
4. أن تكلفة قياس الأصول ( التسعير والتقويم ) هي عبارة عن الخدمات المستقبلية لهذه الأصول ، وتتضمن اختيار أساس أو طريقة لتسعيرها من بين البدائل التالية :-
v أسعار التبادل الجارية (التكلفة الاستبدالية) .
v أسعار التبادل المستقبلية (أسعار البيع المتوقعة) .
v أسعار التبادل الماضية (التكلفة الأصلية) .
وترتيباً على ما سبق يتم تكوين الأصول المختلفة على النحو التالي :
v الأصول النقدية تقوم على أساس القيمة الحالية ( PRESENT VALUE ).
v المخزون السلعي يقوم على أساس صافي القيمة البيعية (NET REALIZABLE VALUE ) .
v الآلات والمعدات تقوم على أساس التكلفة الاستبدالية (CURRENT REPLACEMENT COST) .
v تستهلك الأصول الثابتة على مدي العمر الإنتاجي .
v الأصول المعنوية تقوم على أساس التكلفة التاريخية مع تعديلها بالتغير في القوة الشرائية للنقود .
v يجب إثبات كافة الخصوم ويتم تقويمها على أساس القيمة الحالية للمدفوعات المستقبلية.
v الالتزامات التي يتم الوفاء بها عيناً تقوم على أساس السعر المتفق عليه للسلعة ويتم الاعتراف بالأرباح عند إتمام الإنتاج أو تقديم السلعة .
v يتم تبويب حقوق المساهمين إلي رأس مال مستثمر وأرباح محتجزة .
v يجب أن توضح قائمة نتائج الأعمال مكونات الربح الخاص بالفترة وتمثل الايرادت والمصروفات والمكاسب والخسائر .

هذا وقد أثارت هذه المحاولات عدة انتقادات أهمها :-
1. عدم الاتساق المنطقي إذ أن بعض الفروض تعتمد على بعضها البعض فمثلاً يلاحظ أن فروض المجموعة الثانية يمكن استخلاصها من فروض ا لمجموعة الثانية .
2. عدم الترابط بين الفروض والمبادئ إذ أن المبدأ الأول الخاص بتحقق الإيرادات لا يمكن إرجاعه لأي من الفروض في الدراسة الأولي.
3. عدم اكتمال الفروض إذ أن مجموعة الفروض المذكورة لا تستبعد احتمال التوصل إلي مبادئ مخالفة تماماً لمجموعة المبادئ التي تم التوصل إليها .
4. عدم الاتفاق مع أصول نظرية القياس إذ أن المبادئ العلمية تتيح قياس خواص مختلفة لعناصر الأصول المختلفة .
5. عدم تحديد الأهداف حيث لم يتم التعرض تشكل جاد لمشكلة تحديد الأهداف وبالتالي تم تجاهل مشكلة عدم تجانس احتياجات مستخدمي القوائم المالية ،
6. وفي عام 1970م صدر عن مجمع المحاسبين الأمريكيين دراسة استقرائية جديدة كانت أشمل من سابقتها وقد جاءت فروضها في صورة تحديد للبيئة المحاسبية على النحو التالي :
أ‌. تستخدم المعلومات المحاسبية من قبل مستخدمين متعددين ولتحقيق أهداف مختلفة .
ب‌. أن معظم مستخدمي القوائم المالية لهم احتياجات مشتركة من المعلومات المحاسبية .
ت‌. يعتمد معظم النشاط الانتاجي على القطاع الخاص .
ث‌. تقوم كافة المجتمعات بعملية الإنتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك والادخار.
ج‌. تعمل الاقتصاديات المعاصرة في ظل إطار من القانون والعادات والتقاليد الأمر الذي يحكم إلي حد كبير وجود المشروعات والحقوق والإلتزامات التعاقدية .

ويبدو واضحاً مما سبق أن هذه المحاولة كانت لتطويع بعض المفاهيم الاقتصادية وربطها بالمفاهيم المحاسبية .
وبالإضافة إلي ذلك فقد أوردت الدراسة مجموعة من الخصائص الأساسية للمحاسبة المالية ، وكذلك مجموعة من العناصر الأساسية للمحاسبة كما يلي : -
الخصائص الأساسية للمحاسبة
العناصر الأساسية للمحاسبة
1- الوحدة المحاسبية
1- الأصول
2- استمرارية المشروع
2- الخصوم
3- قياس ا لموارد والالتزامات الاقتصادية
3- حقوق الملكية
4- الفترات الزمنية
4- الإيرادات
5- القياس النقدي
5- المصروفات
6- أساس الاستحقاق
6-صافي الدخل ( الخسارة )
7- الأسعار التبادلية أساس القياس

8- التقريب
9- أهمية الاجتهاد الشخصي
10- القوائم المالية ذات الغرض العام
11- الترابط بين القوائم المالية ونظام القيد المزدوج
12- تغليب الجوهر على الشكل
13- الأهمية النسبية

* ويلاحظ على هذه القائمة أنها عبارة عن تجميع للأفكار المحاسبية التي تتضمنها الدراسات والبحوث السابقة، وأن مكوناتها تفتقر إلي الترابط المنطقي فيما بين عناصرها ، وفيما بين العناصر والأهداف، ويعود عدم وجود هذا الترابط إلي الأسلوب الذي اعتمدته هذه الدراسة والذي لا يقوم على مناهج البحث العلمي المعروفة .

* وفما يتعلق بالمبادئ التي وردت في الدراسة فقد تم تحديدها أيضاً عن طريق الحصر وليس عن طريق الاستدلال المنطقي ( استنباطياً كان أم إستقرائياً )، وهي :-
v مبادئ أساسية. FUNDAMENNTAL PRINCIPLES
v مبادئ عامة. BROAD OPERATING PRINCIPLES
v مبادئ تفصيلية. DETAILED PPRINCIPLES
وقد حددت الدراسة المبادئ الأساسية في ستة مبادئ هي : -
1. يتم إثبات الأصول والخصوم على أساس أسعار التبادل السائدة وقت إجراء التبادل .

2. يتم إثبات الإيرادات إذا تحقق ما يلي :-
* عند إتمام عملية اكتساب الإيراد .
* عند إتمام عملية التبادل .
3. بعض التكاليف يتم إثباتها كمصروفات على أساس الربط المباشر بينها وبين الإيرادات (مقابلة الإيرادات بالمصروفات) .
4. في حالة عدم وجود علاقة سببية ، فإن بعض التكاليف يتم إثباتها كمصروفات باستخدام طرق توزيع وتخصيص منظمة ومنطقية .
5. يتم إثبات بعض التكاليف كمصروفات تخص الفترة لأن هذه التكاليف لا تحوي أي خدمات مقبلة، أو لأنه لا يوجد طريقة منطقية يتم على أساسها توزيعها على الفترات التالية .
6. تستخدم وحدة النقد كأساس للقياس ، وأي تغيرات في القوة الشرائية للنقود غير قابلة للإثبات محاسبياً .

كذلك أشارت الدراسة إلي استخدام طريقة الوارد أخيراً صادر أولاً،وطريقة الاستهلاك المعجل كمحاولات لتغطية أثر التغير في القوة الشرائية للنقود.
وقد تعرضت هذه الدراسة لعدة انتقادات كانت تدور حول نقطة رئيسية واحدة هي أنها لا تمثل إطاراً فكرياً متماسكاً يمكن استخدامه كأساس لتطوير وبناء النظرية .

لقد كانت هذه الدراسة من جانب المجمع هي أخر محاولة تم القيام بها بهدف تحديد الفروض والمبادئ المحاسبية على أساس علمي ، حيث تحول اهتمام المجمع بعد ذلك نحو تحديد الأهداف والمفاهيم ووضعها ضمن إطار مفاهيم المحاسبة باعتبار أن ذلك هو الأساس الذي يتم التوصل في ضوئه إلي الفروض والمبادئ العلمية، بالإضافة إلي استخدامه في التوصل إلي معايير التطبيق العملي اللازمة لحل المشكلات العاجلة التي تواجهها المهنة وفي تنظيم السياسات المحاسبية .

ثانياً : تنظيم السياسة المحاسبية
* مفهوم السياسة المحاسبية:-
هي مجموعة أدوات التطبيق التي تستخدمها المنشأة في إنتاج وتوصيل المعلومات المالية، وأدوات التطبيق العملي هي القواعد والأسس والطرق والإجراءات التي يستعين بها المحاسب لتطبيق المبادئ المحاسبية وبيان كيفية معالجة البنود والعمليات والأحداث .
لقد تجمع لدي المحاسبين عبر التاريخ رصيد ضخم من أدوات التطبيق العملي وفقاً لظروف الحال وأصبح لدي المنشآت المختلفة قواعد وطرق محاسبية مختلفة، فمثلاً بالنسبة لأسس احتساب أقساط الإهلاك قد تستخدم طريقة القسط الثابت بالنسبة للعقارات كما تستخدم طريقة الإنتاج بالنسبة للآلات، وفي نفس الوقت قد تستخدم طريقة إعادة التقدير بالنسبة للعدد والأدوات.

إن تحديد السياسة المحاسبية يجب أن تخضع لضوابط عدة أهمها توافر خاصية الثبات بين الفترات المختلفة تحقيقاً لفائدة المعلومات المحاسبية، والاعتماد عليها في عقد المقارنات الزمانية، وازدياد القدرة على التنبؤ، ومن الطبيعي أن الثبات في السياسة المحاسبية ليس مطلقاً بسبب تغير الظروف المحيطة بالمنشأة إلا أنه يجب على المحاسب أن يتأكد من أن التغير في السياسة المحاسبية يجب أن يوفر معلومات أكثر دقة وأكثر نفعاً في مجال التنبؤ واتخاذ القرارات، لذلك نجد أن معظم التشريعات المحاسبية لا تكتفي بالمطالبة بالإفصاح عن السياسات المحاسبية المطبقة بل تطالب أيضاً بضرورة الإفصاح عن أي تغير يحدث في هذه السياسة وأثره على القوائم المالية للمنشأة .

إن القاعدة العامة في تحديد معالم السياسة المحاسبية هي أن تأتي أدوات التطبق العملي ملائمة بقدر الإمكان لظروف الحال وطبيعة نشاط المنشأة، ولتطبيق هذه القاعدة ينبغي على إدارة المنشأة الاسترشاد بالإعتبارات التالية: -
1. الحيطة والحذر "الحرص"
CONVERSATION OR PRUDENCE
2. تغليب الجوهر على الشكل
SUBSTANCE RATHER THAN FORM
3. الأهمية النسبية
MATERIALITY

وتعد الاعتبارات المذكورة نوعا من القيود التي تحكم عملية وضع السياسة المحاسبية فالنسبة للخاصية الأولي فهي تمثل الاتجاه التقليدي للمحاسبة عند المفاضلة بين الطرق المحاسبية البديلة، وكمثال على ذلك ما ذهب إليه المعيار رقم (2) الصادر عن لجنة المعايير المحاسبية البريطانية الذي ينص على أنه وفي وجود تعارض بين أساس الاستحقاق وبين خاصيته التحفظ عند تطبيق مبدأ مقابلة الإيرادات بالمصروفات فإنه يجب تغليب التحفظ على أساس الاستحقاق .

أما بالنسبة للقيد الثاني فإنه يجب اختيار القواعد المحاسبية التي تتفق مع الجوهر وليس مجرد الشكل القانوني أو التنظيمي، فمثلاً إذا كانت عملية انضمام شركتين تمثل في واقع الأمر سيطرة إحداهما على الأخرى، فإن هذه العملية تعتبر عملية شراء وليس توحيداً للمصالح بصرف النظر عن الطبيعة القانونية أو التنظيمية التي تمت بها عملية الانضمام، ومثال آخر في العقود الايجارية طويلة الأجل فإذا كان عقد الإيجار يغطي أكثر من (90%) من العمر الإنتاجي للأصل فإن هذا التعاقد يمثل في جوهره شراء تأجيلي ويتعين إظهار أثر ذلك على عناصر الأصول والخصوم، وفيما يتعلق بخاصية الأهمية النسبية فهي تعتبر الأهم في تحديد معالم السياسة المحاسبية ، ولعل أكبر دليل على ذلك هو أن معظم المعايير المحاسبية تأتي مذيلة بعبارة هذا المعيار لا يلزم تطبيقه في حالة العناصر التي ليست لها أهمية نسبية ، فمثلاً نجد أن كثيراً من المصروفات الرأسمالية يمكن معالجتها كمصروف إيرادي، نظراً لأن قيمتها لا تبرر عملية التوزيع والتخصيص على الفترات المتبقية ،فهذا المبدأ يعتبر تطبيقاً لمبدأ اقتصاديات المعلومات .
إن العمل بالاعتبارات الثلاثة تترك للإدارة مجالاً واسعاً للتأثير على السياسة المحاسبية الخاصة بالمنشأة.

· مدي الحاجة إلي تنظيم السياسة المحاسبية:
· آراء المعارضين للتدخل الخارجي لتنظيم السياسة المحاسبية:
يثور الخلاف حول مدي الحاجة إلي التدخل الخارجي في مجال تحديد ورسم السياسة المحاسبية الخاصة بالمنشأة، إلا أن الرأي الغالب في هذا الاتجاه يعتمد على نقطة جوهرية مؤداها أن إدارة المنشآت لديها دائما الحافز الذاتي الذي يدفعها بصفة مستمرة لإختيار أفضل السياسات المحاسبية التي تلائمها دون تدخل خارجي ، والحجج التي يعتمد عليها هذا الرأي هي : -
1. نظرية الوكالة
AGENCY THEORY : وهي إحدي النظريات في علم الاقتصاد الذي يستخدم كأساس للتنبؤ بسلوك الأطراف داخل التنظيم، وتعتمد النظرية على العلاقات القانونية (التعاقدية) التي يتحكم أطراف عقد الوكالة وهي الوكيل والموكل، وفيه يلتزم الوكيل بتمثيل ورعاية مصالح الموكل، وعلى ذلك يتم النظر إلي المنشأة على أنها مجموعة علاقات قائمة مثل علاقة الإدارة بالعاملين، علاقة الإدارة بأصحاب الأموال المستثمرة، علاقة المساهمين بالمراجع الخارجي .
ومن الطبيعي أن يسعي كل طرف من أطراف عقد الوكالة إلي تحقيق أقصي قدر ممكن من المنفعة لصالحة، وقد تتفق هذه المصالح كما قد تتعارض في أمور اخري، فقد يسعي الملاك إلي تعظيم العائد على استثماراتهم ، بينما تسعي الإدارة بالإضافة إلي الإثابة المالية إلى تأكيد سيطرتها وحريتها في اتخاذ القرارات وتوفير علاقات طيبة مع العاملين إلي غير ذلك من الاعتبارات غير المالية .
ونظراً لاحتمالات التعارض فإن أصحاب رأس المال في حاجة إلي متابعة ومراقبة مدي التزام الإدارة (الوكيل) بالمتطلبات التي يقتضيها عقد الوكالة، وأن أكثر الوسائل المستخدمة والشائعة في هذا المجال هي مطالبة المراجعين الخارجيين بالتقارير المحاسبية الدورية عن الأداء، وفي المقابل نجد أن من مصلحة الإدارة اكتساب ثقة أصحاب الأموال، وتجنب أي سوء تفاهم قد ينشأ بينهم وذلك عن طريق اتخاذ مجموعة من التدابير التي تعطي الاطمئنان لأصحاب الأموال كذلك فإن الإدارة تتصرف بما يحقق أهدافهم ومصالحهم، ومن الأمثلة الشائعة على ذلك تطبيق نظام رقابة داخلية وخارجية ، التأمين على ممتلكات المنشأة، وضع حدود قصوى للاتفاق ومراقبته في شكل موازنات ، ونتيجة لذلك سوف يترتب على المنشأة تكاليف الوكالة ويمكن حصرها فيما يلي :-
1. تكاليف من جانب الموكل لرقابة ومتابعة تصرفات وقرارات الوكيل .
2. تكاليف من جانب الوكيل تتعلق برعايته لمصالح الموكل.
3. تكاليف أخري متمثلة في سلبيات ناتجة عن قرارات مخالفة لوجهة نظر الموكل.

وبناء على ما سبق يتضح أن تكاليف الوكالة تؤثر على مصالح كل من الوكيل والموكل، وإنه من مصلحة كل منهما ضغط هذه التكاليف عند حدها الأدنى ، وإن الوسيلة التي تثبت فاعليتها في هذا المجال هي تقديم تقارير محاسبية وافية وصحيحة ومؤيدة بشهادة المراجع الخارجي .
ومما سبق يتبين أن نظرية الوكالة تتطلب قيام الإدارة بواجباتها نحو إتباع أفضل السياسات المحاسبية الملائمة التي تؤدي إلي توفير تقارير دورية وافية عن أداء المنشأة، وتطور أعمالها ومدى كفاءتها وتكون الإدارة معتمدة من مراجع خارجي مستقل .

2. نظرية كفاءة السوق: -
يقصد بكفاءة السوق
MARKET EFFECIENCY أن سوق الأوراق المالية يتميز بالقدرة على استيعاب المعلومات المالية المتاحة من مصادرها المختلفة والاستفادة منها في تحويل أسعار الأسهم والسندات المتداولة، والافتراض الأساسي في هذه النظرية أن سوق الأوراق المالية يستجيب بسرعة وبدقة للمعلومات المتاحة، وتأتي هذه الاستجابة نتيجة وجود عدد من المستثمرين على وعي وإدراك كامل بدلالة الأرقام المحاسبية التي تظهرها القوائم المالية، وبالتالي إدراك أثر الطرق المحاسبية البديلة على هذه الأرقام .
واستناداً إلي ما سبق فإن من أهم النتائج المحاسبية التي يترتب على نظرية كفاءة السوق أنه لا يمكن خداع السوق بالاختلافات الناتجة عن استخدام طرق محاسبية بديلة ، أو الناتجة عن التغير فيها خلال الفترات المحاسبية، وأن كل ما يحتاجه مستخدم القوائم المالية هو الإفصاح الكافي عن معالم السياسة المحاسبية المتبعة وأي تغيير قد يحدث فيها، ولتحقيق ذلك يجب أن تتاح للمنشآت الحرية الكافية لرسم وتحديد سياساتها المحاسبية التي تتلاءم مع ظروف المال وطبيعة النشاط .
وبالتالي نستطيع أن نخلص أن التدخل الخارجي لتنظيم سياسة المحاسبية لن يضيف شيئاً لكفاءة السوق، بل أنه سيكون على حساب مدي ملاءمة المعلومات نتيجة فقدانها المرونة اللازمة في رسم سياستها المحاسبية التي تناسبها .

ومن ناحية أخري فإن نظرية كفاءة السوق تلعب دوراً بارزاً في التأثير على توجيه وتخصيص الموارد على مجالات النشاط البديلة، فمن المعروف أن هناك ندرة نسبية في مقدار رأس المال الذي يقبل مخاطر الاستثمار ، وبذلك نتوقع وجود تنافس بين المنشآت لجذب أكبر قدر ممكن من هذا المال، وإن ذلك لن يتحقق إلا إذا كان توفرت الثقة في المنشآت وفي تقاريرها المالية، الأمر الذي سيؤدي أيضاً إلي تخفيض درجة المخاطرة ويدفع المستثمرين إلي قبول تخفيض المعدل الذي يطلبونه على استثماراتهم ، إضافة إلي ذلك فإن التنافس حول مصادر التمويل في سوق رأس المال سوف يمثل ضغطاً على كافة المنشآت لإتباع سياسة محاسبية ملائمة وتوفير نظام تقارير واف حول أداء المنشآت ، لأن عدم توفر الإفصاح الكافي عن الأداء المالي سوف يفسر في هذه الحالة على أنه تستر عن المشاكل التي تعاني منها المنشأة مما يعجل بفشلها وخروجها من السوق، وهكذا يتبين أن الاعتبارات التنافسية في سوق رأس المال سوف تشكل ضغطاً لتحسين وتطوير نظم التقارير المالية ، وبالتالي فإنه ليس هناك حاجة للتدخل الخارجي لتنظيم السياسة المحاسبية على مستوي المجتمع .

3. توفير المعلومات بالاتفاق المباشر :
ينظر البعض إلي أن التدخل الرسمي لتنظيم السياسة المحاسبية على مستوي المجتمع لن يحل المشكلة لأنه يستحيل إعداد تقارير مالية تفي بكافة متطلبات مستخدمي القوائم المالية على اختلاف طوائفهم، وأن الحل العملي لهذه المشكلة لا يكمن في إصدار معايير منظمة للسياسة المحاسبية على مستوي المجتمع، وإنما يمكن لأصحاب المصلحة الحصول على البيانات والمعلومات المحاسبية التي يرغبونها عن طريق الاتصال المباشر، ومن أمثلة ذلك ما تطلبه البنوك من معلومات بشكل خاص من المنشآت لأغراض منح الائتمان ، كما أن تبادل المعلومات والنشرات المالية التي يتم تبادلها في الأسواق المالية هي مثال حي على تبادل المعلومات على أسس اقتصادية .
وبناء على ما سبق فإن النظر إلي التقارير المالية من هذه الزاوية سوف يقلل من احتياجات المجتمع المالي إلي التدخل الرسمي لتنظيم السياسة المحاسبية .

* آراء المؤيدين للتدخل الخارجي لتنظيم السياسة المحاسبية:-
يتم التنظيم المحاسبي للسياسات المحاسبية عن طريق التدخل الرسمي بغرض تحديد المعالم الرئيسية التي يتعين مراعاتها من قبل المنشآت عند تحديد سياساتها المحاسبية، فتنظيم السياسة المحاسبية هو نوع من التدخل الخارجي بالنسبة لإدارة المنشآت لضمان حد أدني من التوحيد للممارسات المحاسبية على مستوي المجتمع بهدف زيادة منفعة المعلومات المحاسبية في مجالات التطبيق المختلفة، لذلك فإنه يلزم مراعاة خاصيتين أساسيتين هما خاصية الملاءمة وخاصية الثقة .

q خاصية الملاءمة RELEVENCY :
بمعني أن تكون المعلومات قادرة على التأثير في عملية اتخاذ القرار بجانب أن تكون ذات قدرة تنبؤية يمكن الاستفادة منها في اتخاذ القرار .

q خاصية الثقة RELIABILITY :
بمعني إمكانية الاعتماد على المعلومات المحاسبية في التعبير بصدق عن حقيقة الأحداث والعمليات مع التحقق منها بأدلة إثبات موضوعية .
ويعتمد أنصار التنظيم المحاسبي للسياسة المحاسبية على الحجج الآتية :-
1) ظاهرة الملكية الغائبة :
نظراً لانفصال الملكية عن الإدارة في معظم التنظيمات الاقتصادية المعاصرة فإنه من المتوقع أن تأتي عملية اختيار السياسة المحاسبية متأثرة بالأهداف الذاتية للإدارة حتى لو كان ذلك على حساب صدق التعبير عن نتائج الأحداث والعمليات والظروف الاقتصادية، وفيما يلي بعض الوسائل الشائعة التي يمكن أن تمارسها الإدارة للتحكم في نوعية وكمية المعلومات:-




* التأثير على قائمة الدخل :
حيث تستطيع الإدارة التأثير على أرقام الدخل من خلال بعض الممارسات المحاسبية لتحقيق أهداف كثيرة مثل التأثير على الضرائب ، اكتساب ثقة المساهمين، الأمر الذي قد ينطوي على نوع من طمس الحقائق أو إخفائها عن أصحاب الشأن.

* التأثير على المركز المالي :-
قد تلجا الإدارة إلي اتخاذ قرارات للتأثير على عناصر ا لمركز المالي كأن تعمد إلي سداد قدر كبير من الخصوم المتداولة عند نهاية السنة المالية وذلك بغرض التأثير على رأس المال العامل، أو تأجيل إجراء توسعات أو عدم استبدال أصول في الوقت المناسب حتى تتجنب تأثير ذلك على الربحية، أو القيام بتدبير مصادر تمويل من خارج الميزانية كما في حالة تأجير الأصول الثابتة بدلاً من شرائها ، أو القيام بعملية بيع صورية لجزء كبير من المخزون مع الاتفاق على إعادة شرائه ، كما قد تلجأ الإدارة إلي تغيير السياسة المحاسبية بمجرد الرغبة في إظهار المركز المالي في صورة مختلفة عما كانت عليه سواء سلباً أو إيجاباً .

* تكوين الاحتىاطيات السرية :-
ويتم ذلك عن طريق إتباع أنماط معينة في توزيع التكاليف والإيرادات بين الفترات المحاسبية المتعاقبة ، ومثال ذلك المغالاة في احتساب أعباء الإهلاك ، التخفيض المتعمد في قيمة بعض الأصول ، تأخير الاعتراف بالإيرادات ، وهذه الاحتياطيات غالبا ما تلجأ إليها الإدارة في مجال تحسين الربحية أو تقليل الخسائر أو إجراء توزيعات على المساهمين وصرف مكافآت للفريق الإداري لا تستند على نتائج أعمال فعلية .

2- احتمال فشل السوق :-
سبق أن أوردنا أن تنظيم السياسة المحاسبية على مستوي المجتمع على أساس كفاءة السوق سوق يتحقق بصورة تلقائية دون ما حاجة غلي اي تدخل خارجي ، إلا أن البعض يرى أن هناك اعتبارات كثيرة تؤدي إلي فشل السوق في تحقيق هذا الهدف وهي: -

أ. المنشأة هي منتج محتكر للمعلومات المحاسبية :
يري أصحاب هذا الرأي أن المنشأة في الوقع العملي تستطيع أن تحتكر المعلومات المحاسبية التي تقدمها سواء من حيث كمية هذه المعلومات أو نوعيتها أو في شكل الإفصاح الذي تقدمه حول تلك المعلومات، كما أن حصول بعض الأطراف على المعلومات الإضافية التي يحتاجونها عن طريق الاتصال أو التعاقد المباشر لا يعتبر أمراً هيناً أو يسيراً في جميع الأحول، ومن ناحية أخري أن اللجوء إلي الطرق الخاصة أو الجانبية للحصول على المعلومات اللازمة بغرض تحقيق السبق في الاستفادة من هذه المعلومات يمثل أحد صور السوق السوداء التي تعكس فشل أو عدم كفاءة سوق المعلومات المحاسبية، إن مثل هذه الأوضاع تؤدي إلي القول بأن كفاءة السوق ما هي إلا أمر افتراضي وليس عملي .

ب. انخفاض مستوي التقارير المحاسبية :
يدافع أصحاب هذا الرأي عن الحاجة إلي التدخل الرسمي لضمان الإفصاح الكافي بصورة رسمية من خلال وجود وتطبيق معايير تحدد كمية ونوعية وضوابط هذا الإفصاح في التقارير المالية، فقد يتحقق الإفصاح الطوعي من قبل المنشأة ولكن التنظيم المحاسبي يهدف إلى أكثر مما قد تفصح عنه المنشأة تطوعياً من حيث نوعية المعلومات المطلوب الإفصاح عنها .
إن الرأي الذي ينادي بعدم التنظيم يفترض وجود إطار فكري متماسك للمحاسبة، في حين أن الوضع الحالي للمحاسبة يعاني من نواحي قصور كثيرة قد تفسح المجال للإدارة لإخفاء بعض التناقضات التي ربما تكون موجودة في عقد الوكالة، وهذا مؤداه انخفاض مستوي التقارير المالية وفقدان الثقة في المعلومات المحاسبية مما يترتب عليه فشل السوق في تحقيق التوازن .

ج. المعلومات المحاسبية لها خاصية السلع العامة:
هناك سبب أخر يؤدي إلي فشل القوي التنافسية في السوق مما يضعف من كفاءته هو خاصية المعلومات المحاسبية التي يمكن تشبيهها بالسلعة العامة، فالسلعة العامة هي السلعة التي إذا تم توفيرها (إنتاجها) فإن استفادة البعض منها لا يؤثر على فرص استفادة الآخرين من نفس السلعة، ومن أمثلة هذه السلعة البرامج التلفزيونية، والإذاعية، والمجلات والجرائد، حيث أن استفادة البعض منها لا يمنع نقلها أو تحويلها للآخرين للاستفادة منها ، فالخاصية المميزة لهذه السلع هي وجود ما يسمي بحقوق الملكية المتساهلة
SOFT PROERTY RIGHTS لمنتجي هذه السلع في مواجهة المستهلكين وذلك على عكس منتجي السلع العادية، ويعتبر أصحاب هذا الرأي المعلومات المحاسبية من قبيل السلع العامة، حيث يمكن لأي شخص صاحب مصلحة الاستفادة من هذه المعلومات ونقلها للآخرين دون قيد، مما يعني فشل قوي السوق في تحقيق التوازن، وبالتالي فهناك حاجة إلي وجود تنظيم حماسي لتنظيم عملية الإفصاح ويحدد كميته ونوعيته.

3- الأهداف الاجتماعية :-
يذكر أصحاب هذا الرأي أن تحقيق الأهداف الاجتماعية التي تخدم المجتمع ككل يتطلب وجود تنظيم محاسبي يستطيع أن يحقق التوازن من وجهة نظر كافة المتعاملين المجتمع معاً وليس توازناً من وجهة نظر معينة يسعى إليها المستثمرين، فقد يتحقق التوازن بما لا يخدم الصالح العام ولا القيم الاجتماعية السائدة، من ناحية أخري فقد يؤدي غياب التنظيم للسياسة المحاسبية إلي عدم عدالة الإفصاح المحاسبي وبالتالي افتقار السوق إلى ما يعرف بتماثل المعلومات
INFORMATION SYMMETRY ، لأن غياب هذه العدالة يؤدي إلي استفادة البعض دون البعض الآخر .
مما سبق يتبين أن تنظيم السياسة المحاسبية سوف يؤدي إلي الارتقاء بمخرجات النظام المحاسبي وبما يحقق عائداً اجتماعياً صافياً .
إن تنظيم السياسة المحاسبية يتطلب منا مواجهة معضلتين أساسيتين هما :-
1. احتمال إصدار معايير تؤدي إلي المبالغة في إنتاج معلومات محاسبية بأكثر من الاحتياجات الفعلية، وذلك لعدم إمكانية تحديد حجم الطلب الحقيقي على هذه المعلومات
2. احتمال استفادة بعض فئات المجتمع على حساب البعض الآخر ، وذلك لعدم تحميل كل منتفع بالتكلفة الفعلية التي يستخدمها .

كما وان تنظيم السياسة المحاسبية له بعد آخر على مستوي المجتمع يتعلق بالآثار الاقتصادية التي يمكن أن تخلفها، وقد سبق الإشارة إلي أن تنظيم السياسة يؤدي إلي حسن توزيع وإدارة الموارد الاقتصادية للمجتمع، إلا أنه يلزم أيضاً دراسة البعد الاقتصادي المناوئ الذي يمكن أن يحدث نتيجة اندفاع المنشآت إلي هذا السلوك المناوئ كرد فعل عندما يتم وضع معيار معين، فمثلاً قد يستوجب أحد المعايير المنظمة للمهنة معالجة بعض أوجه الإنفاق على أنه مصروف إيرادي بينما طبيعة المصروف تسمح بمعالجته على أنه مصروف إيرادي مؤجل أو مصروف رأسمالي في حالات معينة، والمثال الشائع على ذلك هو معالجة تكاليف البحث والتطوير واستكشاف الموارد الطبيعية، فمن الواضح أن معالجة هذه النفقات على أنها نفقات إيراديه سوف يترتب عليه تحميل الفترة المحاسبية التي تم فيها الإنفاق بقدر كبير من المصروفات، الأمر الذي يظهر المنشآت بشكل غير ناجح ، وهو ما قد يدفع إدارتها إلي الحد من تلك الأنشطة التطويرية أو تأجيلها بقدر الإمكان .

وبالإضافة إلي ما سبق هناك أيضاً أبعاد أخري للتنظيم المحاسبي غير الأبعاد الاقتصادية هي أبعاد تتعلق بالأطراف التي تتأثر بعملية التنظيم المحاسبي وهما :-
1.المنشأة ممثلة في إدارتها حيث يقع عليها مسؤولية إعداد وتوصيل التقارير المالية .
2.المراجع الخارجي (مهنة المحاسبة والمراجعة) حيث تقع مسؤولية التحقق من مدي اتفاق التقارير المالية مع المبادئ المحاسبية المتعارف عليها .
3.المستخدمون الخارجيين للتقارير المالية (المستثمرين، المحللين الماليين، الموردين، العملاء، الحكومة، المجتمع ككل ) باعتبار أن قراراتهم تعتمد كثيراً على المعلومات التي تشملها هذه التقارير .
وغالباً ما تتعارض اهتمامات هذه المجموعات كما يتبين مما يلي :-
* اهتمامات الإدارة :
وتتمثل دائرة هذه الاهتمامات في اعتبارات تتعلق باقتصاديات إنتاج المعلومات وأثر الإفصاح على مصالح الإدارة وعلى وضع المنشأة التنافسي في السوق ، لذلك نتوقع أن تعارض إدارة المنشأة أي معايير محاسبية من شأنها إضافة أعباء كبيرة في عملية إنتاج وتوزيع المعلومات ،ولكن ذلك قد يلقى ترحيباً من قبل إدارة المنشأة إذا كانت تلك المعايير ستؤدي إلي إظهار نتائج الأعمال بصورة أفضل.

*اهتمامات مهنة المحاسبة والمراجعة:
تتمثل دائرة هذه الاهتمامات في توقع معارضة منفذي المهنة لأي معايير من شأنها إلقاء مسؤوليات جديدة على المراجع الخارجي وبصفة خاصة تلك المعايير التي تتطلب مراجعة عمليات وأنشطة غير تقليدية، ومن الأمثلة الشائعة للمعايير التي قد لا تلقي تأييداً من مهنة المحاسبة والمراجعة نجدها في المعايير التي تتطلب الإفصاح عن تقديرات الموازنة وخطط الإدارة المستقبلية ، ولا شك أن تطبيق مثل هذه المعايير سوف يترتب علىها الإفصاح عن معلومات يصعب إقامة الدليل الموضوعي لتوثيق هذه المعلومات، كما أنها تؤدي إلى اتساع نطاق مسؤولية المراجع الخارجي، وبالتالي تعرضه لمخاطر مهنية أكثر ولمساءلة أكثر من قبل مستخدمي التقارير المالية .
* اهتمامات مستخدمي القوائم والتقارير المالية :
وتتمثل دائرة هذه الاهتمامات في مطالباتها بالتوسع في الإفصاح بقدر الامكان ، وذلك حتى يمكن تغطية كافة الاحتياجات، خاصة أن مستخدمي هذه التقارير لا يتحملون بصورة مباشرة تكاليف هذا الإفصاح المتزايد .
وبناءً على ما سبق نجد أنه على الجهاز المسئول عن ونضع وتنظيم السياسة المحاسبية للمجتمع أن لا يتأثر بالمصالح الذاتية لأي من الفئات الثلاثة دون مراعاة لمصالح جميع الفئات معاً، أي بمعني عدم تغليب وجهة نظر معينة وباستمرار على حساب وجهات النظر الأخرى .

ثالثاً : معايير التطبيق العملي:-
يتبين مما سبق أهمية تنظيم السياسة المحاسبية على مستوي المجتمع، من خلال إصدار معايير التطبيق العملي الملائمة، هذه المعايير يجب أن تكون متسقة مع الإطار النظري، فلا بد من بذل كل عناية ممكنة في عملية الانتقال من النظرية إلي التطبيق من حيث مراعاة الاعتبارات البيئية والأعراف والاصطلاحات المحاسبية السائدة وفقاً لمنهج مدروس يراعي اعتبارات الفكر ومقتضيات الممارسة العملية .

* الخصائص الفكرية والعملية للمعايير :-
لا تعد النظرية هدفاً في حد ذاتها وإنما هي وسيلة لإحكام وترشيد التطبيق العملي ، وهو ما ينطبق تماماً على نظرية المحاسبة، فالمبادئ العلمية تمثل قمة الفكر في النظرية حيث تمثل الأحكام الأساسية العامة التي تحدد أفضل أسس القياس والعرض للأحداث والعمليات .
وفي المحاسبة تعتبر الخطوة التي تلي التوصل إلي المبادئ هي ترجمة هذه المبادئ إلي معايير للتطبيق العملي ، وهذه المعايير تمثل نماذج أو مستويات للأداء المحاسبي، وأنها ليست لمجرد الاسترشاد العام، وإنما هي تعبير عن موقف رسمي فيما يتعلق بكيفية تطبيق المبادئ ،الأمر الذي يجب أن تأتي كترجمة واعية لهذه المبادئ وبعد دراسة متأنية لأفضل الممارسات العملية لهـا.
تعتبر المبادئ العلمية هي مرحلة النضوج الفكري، وفي المحاسبة وعلى الرغم من تواجد مجموعة من الفروض والمبادئ المتعارف عليها، إلا أنه ليس هناك اتفاق تام حول مجموعة الفروض والمبادئ العلمية الأساسية، وإن المحاسبة لا زالت في مرحلة تكوين وتحديد ذلك الجزء من الفكر المحاسبي الذي يشمل الأهداف والمفاهيم الأساسية وهو ما يعرف بالإطار المفاهيمي للمحاسبة .
وآياً كانت مرحلة التطور الفكري للمحاسبة، فإن الأمر يتطلب ترجمة هذه المرحلة أولاً بأول في صورة معايير للتطبيق العملي، أي أنه لا يمكن الانتظار حتى يتم البناء الكامل للنظرية المحاسبية ، ثم نبدأ بعد ذلك في وضع المعايير المنظمة للتطبيق العملي ، وذلك لأن عملية البناء الفكري هي عملية مستمرة وتستغرق وقتاً طويلاً ، فالمعايير هي ترجمة مدروسة لمستوي الفكر المتاح والمتمثل في مجموعة المبادئ والأهداف والمفاهيم والفروض ،
والأمثلة التالية توضح كيفية الانتقال من النظرية إلي المعايير .
المستوي الفكري (النظرية)
المعيار (التطبيق العملي)
مفهوم الأصول
معيار المحاسبة عن العقود الإيجارية طويلة الأجل (الرأسمالية)
فرض الوحدة المحاسبية (الاقتصادية)
معيار القوائم المالية الموحدة.
مبدأ تحقق الإيراد
معيار المحاسبة عن عقود المقاولات طويلة الأجل
هدف ترشيد عملية اتخاذ القرار
معيار الإفصاح عن أجزاء من نشاط المنشأة مثلاً " خطوط الإنتاج الرئيسية )

إن الربط بين المعايير والنظرية هو أمر ضروري حتى تتحقق خاصية الاتساق المنطقي سواء بين المعايير نفسها وبين الفكر المحاسبي الذي يحكم عملية تطبيقها، كما يتعين أن تكون هذه المعايير ملائمة للظروف البيئية المحيطة (واقع التطبيق العملي) ، ومن الجدير بالملاحظة هنا أنه نظراً لتغير الظروف البيئية من وقت لآخر، فليس من المتوقع أن تتسم المعايير بصفة الثبات وعمومية الاستخدام، مما يجعلها أقل ثباتاً من المبادئ ، ويذهب البعض إلي أبعد من ذلك فقد نجد معايير للتطبيق في المشروعات التي تهدف إلي تحقيق الربح وأخري للمشروعات غير الهادفة إلي ذلك ، ولعل ابرز مثال على أثر الاعتبارات البيئية ما نجده في معايير المحاسبة عن ضرائب الدخل ، والمعايير الخاصة بمشروعات القطاع العام .

بالإضافة إلي ما سبق هناك اعتبارات فنية قد يكون لها تأثير على المعايير المحاسبية، على الرغم من عدم وجود أساس فكري أو مبرر بيئي ، وإنما هي مجرد اصطلاح أو تقليد محاسبي مثل ( تحديد الجانب الذي تثبت فيه العناصر المدينة ، والدائنة ، اختيار طرق الإهلاك، وطرق تسعير المنصرف من المخزون ) ، فإن هذه الطرق لا يمكن حسم الخلاف بشأنها استناداً إلي أسلوب البحث العلمي، وإنما تستوجب التدخل الرسمي من قبل الجهات المعنية.

ولعل مثال معالجة المنح الحكومية أكبر دليل يوضح لنا الأثر المحاسبي كمصدر من مصادر المعايير المحاسبية، فمن المعروف أن المنح الحكومية التي تعطي للوحدات لأجل تشجيع الاستثمار في الأصول الثابتة يمكن معالجتها بأحدي الطريقتين :-
1. جعل حساب الأصول مدينا بقيمة الإعانة وبالتالي تخفيض قيمته الدفترية .
2. تكوين احتياطي رأسمالي بقيمة الإعانة ، وتحويله إلي إيرادات دورية على مدي العمر الإنتاجي للأصل .
ويقدم أنصار كل طريقة حججاً كثيرة لتأييد موقفهم، فالأصل موجود بصرف النظر عن مصدر تمويله مما لا يدعو إلي تخفيض قيمته بمقدار الإعانة، ومن ناحية أخري يري البعض أن الإعانة لا ينطبق عليها مفهوم الإيراد الحقيقي لأنه لم يتم الحصول عليه مقابل نشاط حقيقي للمنشأة ، وعلى الرغم من الاختلاف في الطريقتين إلا أن كل منهما لها نفس التأثير على نتائج الأعمال .

بناءً على ما سبق يمكن أن نستخلص أن المعايير المحاسبية يتم بناؤها وتطويرها اعتماداً على ثلاثة مصادر رئيسية هي: ( النظرية – البيئة – العرف ) .
هذا وتمثل النظرية المصدر الأساس والدائم لمهمة بناء المعايير، أما العوامل البيئية فهي التي تعطي المعايير الصبغة العملية لتكون ملائمة للظروف والاعتبارات المكانية والزمنية، أما العرف فله تأثير بالنسبة لنوع معين من المعايير وهو ما يعرف بالمعايير الإجرائية وهي المعايير المتعلقة بضبط النواحي الفنية لعملية تشغيل البيانات وعرض المعلومات .

* تجربة تنظيم عملية وضع وإصدار المعايير :-
للجانب التنظيمي المتعلق بوضع وإصدار المعايير ثلاثة أبعاد هي :
1. تشكيل الجهاز الذي يتولى مهمة بناء وإصدار المعايير .
2. أسلوب العمل أو المراحل التي يمر بها كل معيار قبل إصداره .
3. المنهج المتبع في بناء المعايير.

ولشرح هذه الأبعاد نتعرض للتجربة الأمريكية باعتبارها عملاً رائداً في هذا المجال :-
قبل عام 1930م كانت المحاسبة غير خاضعة لأي صورة من صور التنظيم المهني ، وكانت السياسة المحاسبية سراً من أسرار الوحدة المحاسبية، وكانت التقارير المحاسبية غير قابلة للمقارنة ، ونتيجة لهذه الفوضي في الممارسات المحاسبية وما صاحبها من إنهيار سوق الأوراق المالية، طالبت هيئة تداول الأوراق المالية (
SEC ) SECURITIES EXCHANGE COMMISSION بالعمل على تطوير مبادئ ومعايير لمهنة المحاسبة وإصدار بيان رسمي ملزم لكافة الوحدات المحاسبية، وفي حالة فشل المهنة فإن هذه الهيئة سوف تتدخل لتفرض ما تراه مناسباً من مبادئ ومعايير .

v في عام 1933م قام مجمع المحاسبين الأمريكي (AICPA ) يتكوين لجنة للإجراءات المحاسبية حيث تمكنت من إصدار 42 نشرة جاءت جميعها معبرة عن رأي اللجنة في معالجة المشاكل المحاسبية التي تم دراستها .

v خلال الفترة من عام 1953م إلي 1959م أصدرت اللجنة 8 نشرات أخري ليصبح مجموع ما قامت بإصداره نحو 50 نشرة ، ورغم هذا العمل فقد وجهت إليها انتقادات كثيرة أهمها عدم الاعتماد على منهج شامل ومتكامل في وضع وتحديد المعايير فالأسلوب الذي كان متبعاً هو عبارة عن مجرد مواجهة للمشاكل التي تثار أولاً بأول دون وجود تصور كامل للمشاكل المحاسبية التي يتعين دراستها .

v نتيجة لذلك قام المجمع الأمريكي بإيقاف عمل اللجنة وأنشأ محلها مجلس المبادئ المحاسبين ( ABP ) ( ACCOUNTING PRINCIPLE BEARD ) ، يهدف التوصل إلي مجموعة الفروض والمبادئ المحاسبية اعتماداً على أسلوب البحث العلمي وبصفة خاصة الأسلوب الاستنباطي ، وقد قام المجلس بإصدار مجموعة كبيرة من البحوث في مجالات الفكر المحاسبي كان أهمها الدراسة رقم (1) عن الفروض الأساسية في المحاسبة، الدراسة رقم (3) عن المبادئ المحاسبية، كما أصدر المجلس (31) رأياً حول المشكلات المحاسبية المختلفة.

v ورغم ذلك لم يسلم المجلس المذكور من الانتقاد فوجه إلي إسلوب عمله هجوماً لاذعاً واتهم أنه لم يخرج في جوهره عن أسلوب إطفاء الحرائق بسبب خضوعه لضغوط خارجية من قبل مكاتب المحاسبة الأساسية في الولايات المتحدة ،ومن قبل هيئة تداول الأوراق المالية كما أن توصياته لم تكن تعرض للمناقشة بشكل كاف قبل إصدارها .

v وفي عــام 1973م أنشـــأ المجمــع مجلس معايير المحاسبة الماليـة ( FASB ) ( FINANCIAL ACCOUNTING STANDARS BOARD ) روعي في تنظيمه الأبعاد الثلاثة المذكورة سابقاً وهي التشكيل، أسلوب العمل ، المنهج، .
ومن حيث التشكيل روعي أن يضم المجلس ست تنظيمات هي :-
- جمعية المحاسبين الأمريكيين (
AAA ) ( AMERICAN ACCOUNTIN ASSOCIATION ) .
- مجمع المحاسبين القانونيين الأمريكي (
AICPA ) ( AMERICAN INSTITUTE OF CERTIFIED PUBLIC ACCOUNTANTS ) .
- اتحاد المحللين الماليين (
FAF) (FINANCIAL ANALYS FOUNDATION ).
- معهد المديرين الماليين (
FAI) (FINANCIAL EXECUTIVE INSTITUTE).
- الجمعية الوطنية للمحاسبين (
NAA) (NATIONAL ASSOCIATION ACCOUNTING ).
- جمعية الأوراق المالية (
SIA) (SECURITIES INDUSTRY ASSOCIATIO ).

وتحدد المهمة الرئيسية للجمعية التأسيسية المنبثقة عن هذا التنظيم في تعيين أعضاء مجلس معايير المحاسبة المالية وعددهم سبعة أعضاء، أربعة منهم محاسبين قانونيين، وثلاثة من ذوى الخبرة في شئون المحاسبة والتمويل ، ويعتمد المجلس على لجنة استشارية مكونة من ثلاثين عضواً يتم تعيينهم وتمويلهم من قبل الجمعية التأسيسية ، وأما عن أسلوب العمل المبتع فيتكون من ثلاثة خطوات : -
1. تعيين فريق عمل بحثي لكل مشروع مقترح بناء على توصيات اللجنة الاستشارية، ويقوم هذا الفريق بإعداد مذكرة مناقشة تتناول الموضوعات والقضايا المتعلقة بالمعيار المقترح والبدائل الممكنة وتوزع هذه المذكرة على أكبر عدد ممكن من الأطراف المعنية الداخلة ضمن القاعدة الأساسية لغرض إبداء الرأي بوجهة نظرها حول المذكرة .

2. عقد جلسة استماع (
PUPLIC HEARING ) لمناقشة الردود حيث يتم في ضوءها استبعاد المشروع أو إعداد مسودة أولية لمشروع المعيار المقترح ويتم توزيعه على الأطراف المعنية لإبداء الرأي بشأنه .

3. بناء على الردود الكتابية التي ترد إلي المجلس يتم إدخال التعديلات اللازمة على المسودة الأولية للمعيار ويطبق بشأنها الإجراءات السابقة، ثم يجري التصويت على الصياغة النهائية للموافقة.

ويلاحظ على أسلوب العمل السابق توفير الضوابط اللازمة لتحقيق استقلالية مجلس المعايير وحمايته من الوقوع تحت تأثير جماعات الضغط والسيطرة من قبل مكاتب المحاسبة كما يتم إشراك كافة الأطراف المعنية بعملية التنظيم المحا سبي ، ومما لا شك فيه أن هذا الأسلوب سيؤدي إلي بذل العناية المهنية الواجبة (
DUE PROCESS ) مما يجعلها تكتسب صفة الواقعية والصفة الشرعية ثم القبول العام .

وحول ما سبق فمن الواضح أن غياب النظرية المحاسبية كان أمراً واضحاً عند صدور التكليف لمجلس معايير المحاسبة فبدلاً من تكليفه بمهمة تحديد الفروض والمبادئ العلمية نجد أن المهمة الرئيسية التي وكلت للمجلس كانت ذات شقين :
1. تكوين الإطار المفاهيمي لنظرية المحاسبة
CONCEPTUAL FRAMEWORD
2. إصدار معايير التطبيق العملي
ACCOUNTING STANDARS

وقد أصدر المجلس العديد من التقارير المتعلقة بالإطار المفاهيمي لنظرية المحاسبة والمعايير المتعلقة بالتطبيق العملي التي سنتناولها بالدراسة في المراحل القادمة .
وفيما يتعلق بالنقطة الأخيرة الخاصة بالمنهج الذي ابتعه المجلس في أدائه للمهام المكلف بها فإنه يلاحظ إتباعه للمنهج الاستنباطي للوصول إلي الإطار المفاهيمي للنظرية، في حين نجد أن إصدار المعايير قد غلبت علىه الصيغة الاستقرائية حيث تم استخدام المنهجين كما يلي :
1. المنهج الاستقرائي حيث يقوم فريق العمل بالآتي :-
أ‌- تحديد الموضوعات التي يلزم إعداد المعايير بشأنها .
ب‌- استقراء الممارسات التي تستخدم في التطبيق العملي .
ج‌- دراسة وتقييم هذه الممارسات لتحديد أفضلها .

2. المنهج الاستنباطي : حيث يقوم فريق العمل بالمهام الآتية :-
أ‌- تحديد أهداف التقارير المالية .
ب‌- تحديد قواعد الاستنتاج التي سوف تستخدم .
ج- تحديد الموضوعات المراد دراستها .
د- تطبيق قواعد الاستنتاج للوصول إلي المعايير التي تتسق مع الأهداف .
رابعاً : توحيد التطبيقات العملية:-

تبين لنا فيما سبق أن الغرض من تنظيم السياسة المحاسبية هو تحقيق حد أدني من التوحيد في مجال التطبيق العملي بهدف زيادة إمكانية الاعتماد على الأرقام المحاسبية في عقد المقارنات الزمانية والمكانية وزيادة فاعلية تلك التقارير في تقييم اتخاذ القرارات ويجب أن يكون معلوماً أن هناك فرقا بين التوحيد والثبات فليس المقصود بالتوحيد أن يكون هناك ثبات مطلق في المعالجات المحاسبية لنفس الأحداث والظروف دون مراعاة لأثر تلك الاختلافات .
إن عدم مراعاة اختلاف الظروف والأوضاع يجعل الأرقام المحاسبية غير قابلة للمقارنة مما يفقدها أحد الخصائص الأساسية الهامة في مجال اتخاذ القرارات وعليه فإن المفهوم العلمي للتوحيد في مجال المحاسبة قد يتطلب منا معالجات محاسبية مختلفة لنفس الحدث أو العملية تبعاً لاختلاف الظروف والأوضاع المحيطة .

* مفاهيم التوحيد في مجال المحاسبة :
إن المفهوم العلمي للتوحيد في مجال المحاسبة يتطلب منا تحليل العمليات والأحداث من حيث كونها متشابهة أو غير متشابهة كما يتطلب تحديد أثر اختلاف الظروف والأوضاع المحيطة، فقد تكون الأحداث والعمليات من النوع البسيط أو المركب ، ويقصد بالأحداث والعمليات البسيطة هي تلك التي لا يترتب عليها آثار اقتصادية مختلفة باختلاف الظروف والأوضاع المحيطة وأن هذه الاختلافات ليست ذات أهمية نسبية تذكر ، وعلى ذلك يمكن معالجة الأحداث والعمليات البسيطة على أساس موحد في حالة اختلاف الظروف والأوضاع المحيطة ، ومن أمثلة ذلك : عمليات الشراء والبيع الآجل النقدي ، سداد الديون وتحصيل الذمم، الإقراض والاقتراض، وغير ذلك من عمليات التبادل العادية التي لا يترتب عليها نتائج اقتصادية متعددة، ومؤدي ذلك أن تكون المعالجات المحاسبية للعمليات والأحداث المتشابهة والبسيطة على أساس موحد بصرف النظر من اختلاف الظروف والأوضاع المحيطة، أي أن التطبيق العملي لهذه العمليات يكون مباشراً ولا يحتاج إلي اجتهاد أو تفسير ولعل ذلك ما يفسر لنا لجوء العديد من الدول إلي تطبيق هذا المفهوم على نطاق شامل بحيث يغطي كافة الوحدات التي تنتمي لقطاع معين وذلك كما هو النظام المحاسبي في الوحدات الإدارية الحكومية والنظام المحاسبي الموحد في جمهورية مصر العربية ، أما العمليات والأحداث المركبة فهي التي تختلف آثارها ونتائجها الاقتصادية باختلاف الظروف المحيطة مما تستوجب معالجات محاسبية مختلفة أي أن التوحيد المحاسبي لهذا النوع من العمليات لا يمكن أن يكون مطلقاً فعند معالجة العمليات والأحداث المركبة يتعين على المحاسب دراسة ظروف الحال وتحديد المعالجة المحاسبية الملائمة وفيما يلي أمثلة لهذه العمليات : -

1. استهلاك الأصول الثابتة : من المعلوم أن احتساب وتحديد طريقة استهلاك الأصول الثابتة يخضع لعدة عوامل أهما نمط وكثافة استخدام الوحدة المحاسبية لهذه الأصول ، سياسة الوحدة بالنسبة لأعمال الصيانة والتجديدات ، فلو كان في نية الإدارة مثلاً الاستخدام المكثف لهذه الأصول فإن استخدام طريقة الاستهلاك المعجل يكون مناسباً .

2. نشاط البحث والتطوير : إن دراسة ظروف الحال بالنسبة لنشاط البحث والتطوير قد يسفر عن اتباع إحدى البدائل المحاسبية التالية: -
معالجتها على أنها خسائر في حالة خلوها من أي منافع حالية أو مستقبلية، معالجتها كمصروفات إدارية إذا اقتصرت منافعها على الفترة الحالية، معالجتها كمصروفات رأسمالية إذا تضمنت منافع متوقعة مستقبلية .

3. الاستثمار في الأوراق المالية : تتعدد المعالجات المحاسبية مع تعدد الظروف المحيطة

فالاستثمارات المؤقتة تقوم على أساس التكلفة أو السوق أيهما أقل وهي الاستثمارات التي تقل نسبتها عن 20% من رأس مال الشركة المستثمر فيها والقابلة للتداول ، وأن الإدارة قد قامت بشرائها بقصد بيعها في الأجل القصير .

أما الاستثمارات الدائمة فهي الاستثمارات التي لا تنوي الإدارة إعادة بيعها في الأجل القصير وإذا كان حجمها أقل من 20% فتقوم على أساس التكلفة أو السوق أيهما أقل ، أما إذا بلغت 20% ولا تزيد عن 50% فتقوم على أساس حقوق الملكية أما إذا زادت عن 50% فتقوم أيضاً على أساس حقوق الملكية، إلا في حالة واحدة وهي حالة كون الشركة التابعة داخلة ضمن القوائم المالية الموحدة للمجموعة حيث يكون في هذه الحالة الوحدة المحاسبية حرية الاختيار بين طريقة التكلفة أو حقوق الملكية كأساس للإثبات في الدفاتر والإفصاح في ا لقوائم المالية، أي أن الاختيار في حالة الاستثمار بأكثر من 50% مشروط بأن تصدر الشركة المستثمرة (الأم) قوائم مالية موحدة ، وفي حالة عدم إعداد القوائم المالية الموحدة للشركة الأم والشركات التابعة لها فإنه يجب في هذه الحالة أن يتم تقويم الاستثمارات الدائمة التي تزيد عن 50% وفقاً لطريقة حقوق الملكية .

4. عقود الإيجار طويلة الأجل : وهي العقود التي تستخدم حالياً كبديل لشـــراء وتملك الأصول الإنتاجية وهي عبارة عن اتفاق بين مؤجر (
Lessor ) ومستأجر ( Lessee ) ، يمنح بموجبه المؤجر حق استخدام الأصل للمستأجر مقابل مبلغ نقدي يدفع دورياً خلال فترة معينة .
وتعد هذه العقود في جوهرها عملية تمويل رأسمالية يمنحها المؤجر إلي المستأجر وبالتالي فإن المعالجة المحاسبية لهذه العقود أن يتم رسملتها كأصل وقرض طويل الأجل في دفاتر المستأجر ، وأن يقوم المؤجر في نفس الوقت بإزالة تكلفة الأصل من قائمة مركزه المالي ، ويوجد حالات كثيرة تختلط فيها عقود الإيجار التشغيلية (
Opearating leases ) مع عقود الإجارة الرأسمالية
(
capital leases ) وبالتالي هناك حاجة إلي تحديد الظروف والأوضاع التي تساعد في تحديد طبيعة عقد الإجارة لغرض تحديد المعالجة المحاسبية المناسبة سواء كانت إيرادية أو رأسمالية .

طبقاً للمعيار رقم (13) الصادر عن مجلس المعايير المحاسبية الأمريكي يجب أن يتوفر شوط واحد على الأقل من الشروط التالية حتى يستطيع المستأجر القيام برسملة الأقساط المتفق عليها خلال العقد باعتباره عقداً رأسمالياً : -

1. أن ينص العقد على نقل ملكية الأصل إلي المستأجر بعد فترة .
2. أن يمنح العقد المستأجر حق شراء الأصل بسعر تحفيزي .
3. أن تساوي فترة العقد 75% أو أكثر من العمر الإنتاجي للأصل .
4. أن تكون القيمة الحالية للحد الأدنى من مدفوعات العقد مساوية لـ 90% أو أكثر من القيمة السوقية للأصل .

مما سبق نجد أن الأحداث والعمليات المركبة لا يناسبها المفهوم المطلق للتوحيد المحاسبي، فالتوحيد المحاسبي مشروط توافر ظروف ملائمة ومناسبة وهذا يستلزم دائما توصيف الظروف والأوضاع الملائمة لكل معالجة محاسبية .
ويعتمد تحديد الظروف على عناصر بيئية بعيدة عن سيطرة الإدارة ترتكز على قاعدتين رئيسيتين هما : -

v ألا يترتب على مراعاة هذه الظروف اختيار طريقة محاسبية تزيد تكاليفها عن الفوائد المتوقعة .
v ألا يترتب على مراعاة هذه الظروف اختيار طريقة محاسبة ينتج عنها معلومات محاسبة على درجة منخفضة من إمكانية التخفيض أو التثبت .

* الأثر المقارن لمفاهيم التوحيد :-
طبقاً لما سبق فإن هناك مفهومان للتوحيد :
أ. مفهوم مطلق وهو مفهوم لا يأخذ في الاعتبار اختلاف ظروف الحال عند توصيف المعالجة المحاسبية .
ب. توحيد مقيد وهو مفهوم يأخذ في الاعتبار اختلاف ظروف الحال عند وصيف المعالجة المحاسبية الواجب اتباعها أي أنه طبقاً لهذا المفهوم تختلف المعالجات المحاسبية مع أي اختلاف جوهري في ظروف الحال .
ومن الجدير بالدراسة مقارنة أثر كل من هذين المفهومين في المجالات التالية :-
1. أسس القياس والتقويم .
2. احتىاجات مستخدمي التقارير المالية.
3. جودة المعلومات المحاسبية .
4. وظيفة ومسئولية المراجع .
5. فرض كفاءة الأسواق المالية .
6. الإطار المفاهيمي لنظرية المحاسبة .

فيما يتعلق بأسس القياس والتقويم ، فإن المعالجة المحاسبية التي تقوم على أساس القيمة الجارية تتلاءم مع مفهوم التوحيد المقيد، في حين أن أساس التكلفة التاريخية يتلاءم مع مفهوم التوحيد المطلق، لأن تطبيق أساس القيمة الجارية يتطلب دراسة الظروف المحيطة باقتناء الأصول وكيفية استخدامها، أما فيما يتعلق باحتياجات مستخدمي القوائم المالية، نجد أن احتياجات هؤلاء المستخدمين متنوعة ولا توجد أرضية مشتركة تجمع كل الفئات والطوائف ، مما يستدعي في ظل هذه الظروف تطبيق منهج التوحيد المطلق ، وعلى العكس من ذلك فهناك فريق آخر ينادي بإمكانية تحديد احتياجات رئيسية مشتركة لمستخدمي التقارير المالية، مما يلزم استخدام التوحيد المقيد لمقابلة هذه الاحتياجات .

أما بالنسبة لجودة المعلومات المحاسبية والمتمثلة بصفة خاصة بمدي الصدق في التعبير عن الظواهر الاقتصادية وقابلية المعلومات للتحقق والإثبات ، فالتوحيد المطلق يحقق لنا خاصية القدرة على التحقق أو التثبت من سلامة المعلومات المحاسبية، في حين أن التوحيد المقيد يحقق لنا خاصية الصدق في تمثيل الحقائق الاقتصادية ، أي أن التوحيد المطلق سوف يترتب عليه استبعاد مجالات الاجتهاد والتقدير الشخصي مما ينتج عنه معلومات محاسبية أكثر فائدة في مجال تحديد المسؤولية التاريخية لإدارة المنشأة تجاه المحافظة على الموارد الاقتصادية الموكلة إليها، وفي المقابل فإن التوحيد المقيد يتلاءم بشكل أكثر مع الوظائف غير التقليدية للمحاسبة ، لأنه من خلال السماح باختلاف الطرق المحاسبية المطبقة وفقاً لظروف الواقع الاقتصادي ، فإن المعلومات المحاسبية الناتجة تكون أكثر ملاءمة في مجال تقييم واتخاذ القرارات وبالتالي كفاءة توزيع الموارد المتاحة.

وبالنسبة لأثر المفهومين على وظيفة ومسئولية المراجع فإن مفهوم التوحيد المقيد سوف يترتب عليه اتساع مسئولية المراجع، بحيث تشمل بجانب التحقق من سلامة الأرقام المحاسبية أهمية تحديد مدي ملاءمة المعالجات المحاسبية المتبعة للظروف والأوضاع المحيطة، مما يترتب عليه بطبيعة الحال ارتفاع تكاليف المراجعة التي تتحملها الوحدة المحاسبية ونطاق وأساليب عملية المراجعة .

أما بالنسبة لكفاءة سوق ا لأوراق المالية، نجد أن التوحيد المقيد يحقق الهدف المذكور حيث يعتبر أكثر ملاءمة لنوعية المعلومات المحاسبية التي تعبر تصدق على المخاطر المتعلقة ببدائل الاستثمار، أما إذا نظرنا إلي كفاءة السوق باعتبارها أحد الفروض، فإنه في هذه الحالة لا يمكن خداع السوق بالاختلافات الناتجة عن البدائل المحاسبية ،مما يعني أن المستثمر قادر على إجراء التحليلات والتقييمات السليمة للأرقام المحاسبية، إن كل ما يحتاجه المستثمر في ظل هذه الفرضية هو المزيد من الإفصاح من السياسات المحاسبية المطبقة .
وأخيراً نجد أن الإطار المفاهيمي لنظرية المحاسبة سوف يختلف مع اختلاف مفهوم التوحيد ، ففي ظل التوحيد المطلق لن يكون هناك حاجة لإطار مفاهيمي مفصل على عكس الحال بالنسبة للمفهوم المقيد حيث أن مفهوم التوحيد المقيد يلقي على الإطار المفاهيمي عبئاً إضافياً يتعلق لتجديد القواعد التي يمكن الاعتماد عليها في تحديد الظروف المحيطة التي تبرر إبتاع البدائل المحاسبية المحددة من حيث تحديد مجالات استخدام كل سياسة والأسس التي تستند إليها في ظل الظروف المحيطة .

* التوحيد المحاسبي في ظل التطبيق العملي : -
مما سبق تبين لنا أن هناك نموذجين مختلفين لتنظيم السياسة المحاسبية هما نموذج التوحيد المطلق الذي يلائم الأحداث والعمليات البسيطة التي لا تتعدد فيها النتائج الاقتصادية الناتجة عنها نتيجة لتعدد الظروف والأوضاع المحيطة .
أما نموذج التوحيد المقيد فيناسب العمليات والأحداث المركبة .

وعلى الرغم من ذلك فإن الواقع العملي يشير إلي أن هناك مواقف لا يمكن حسمها بهذه البساطة، وإنما تتطلب ما يعرف بمنهج المرونة، ومن أمثلة ذلك : -

1. طرق تقويم المخزون .
2. طرق حساب أقساط الإهلاك ( قسط ثابت، قسط متناقص، قسط إعادة التقدير)

وعادة ما يكون استخدام التوحيد المطلق في التطبيق العملي مبنياً على أحد الأسباب الآتية:
1. الرغبة في اتباع سياسة الحيطة والحذر من حيث استبعاد أي أرباح أو مكاسب لم تتحقق بصرف النظر عن مدي قوة الاحتمالات المصاحبة لها .
2. الرغبة في تحقيق أكبر قدر من الموضوعية والقدرة على التحقق والإثبات للقياسات المحاسبية حتى لو كان ذلك على حساب مدي ملائمة أو صدق هذه القياسات
3. الاعتقاد بأن تكاليف تطبيق مفهوم التوحيد المقيد سوف يؤدي إلي زيادة المنافع المتوقعة .
4. عدم قدرة منظمي السياسة المحاسبية على تحديد الظروف الملائمة بتطبيق أسس المحاسبة البديلة .
5. توخي سهولة تطبيق النظام المحاسبي .

وبناءً على ما سبق لا يمكن القول بأن الهدف من تنظيم السياسة المحاسبية للمجتمع والبحث عن الوضع الأمثل لن يحسم لنا كل المشاكل بشكل قاطع وللأبد، إن ما تهدف إليه المهنة والمهمتين بشؤونها هو البحث عن أقصي ما يمكن تحقيقه من ضبط للممارسات المحاسبة في ظل الظروف والقيود القائمة ، وإن التغير في البيئة المحاسبية يتطلب منا البحث باستمرار نحو التحديث سواء في مجال النظرية أو مجال التطبيق فهي عملية تطويرية
Evolutionary وليست عملية ثورية Revolutionary .
الفصل الثالث
الإطار المفاهيمي لنظرية المحاسبة

يشتمل الإطار الفكري لأي علم على العناصر التالية: ( الأهداف – المفاهيم – الفروض – المبادئ ) ويتكون الإطار المفاهيمي من كل من الأهداف والمفاهيم ، أما البناء الرسمي للنظرية فيتكون من الفروض والمبادئ .
*تعريف الإطار المفاهيمي لنظرية المحاسبة :

الإطار المفاهيمي هو عبارة عن نظام متماسك يشتمل على مجموعة مترابطة من المفاهيم الخاصة بأهداف وأساسيات العلم .
THE CONCEPTUAL FRAMEWORK IS A COHERENT SYSTEM OF INTERRELATED OBJECTIVES AND FUNDAMENTALS THAT IS EXPECTED TO LEAD TO CONSISTENT STANDARDS OBJECTIVES GIVE DIRECTION, AND CONCEPTS ARE TOOLS FOR SOLVING PROBLEMS .
أي أن الإطار المفاهيمي يعتبر ضرورياً لتحقيق ما يلي :-
1. يعتبر أساس منطقي للتوصل إلي مجموعة متسقة من الفروض والمبادئ والمعايير المحاسبية .
2. يعتبر أساس منطقي للنهوض بالتطبيق العملي من خلال تقييم المبادئ والمعايير المعمول بها حالياً واستبعاد أي ممارسات غير منطقية كما يساهم في تضييق شقة الخلاف في الممارسات العملية .
3. المواجهة المنطقية والسريعة لعدة قضايا فكرية أو تطبيقية تستجد في المسقبل ،وفيما يتعلق العناصر الأساسية للإطار المفاهيمي لنظرية المحاسبة فهي كما يلي :
v المفاهيم الخاصة بأهداف التقارير المالية .
v المفاهيم الخاصة بطبيعة الوحدة المحاسبية .
v المفاهيم الخاصة بجودة المعلومات المحاسبية .
v المفاهيم الخاصة بالقوائم المالية الأساسية .
v المفاهيم الخاصة بعناصر القوائم المالية .
أولاً: المفاهيم الخاصة بالأهداف : -
من المعلوم أن المحاسبة هي نشاط خدمي، وأن المنتج النهائي لهذا النشاط هو مجموعة من التقارير المالية التي تعدها الإدارة لصالح أطراف متعددة داخل المنشأة وخارجها، وبالتالي فإن أهداف المحاسبة تنطلق من تحديد الوظائف الرئيسية لهذه التقارير ، كما أنه من المعلوم أن هذه الأطراف هي : -

v إدارة المنشأة وما يتبعها من محاسبين ومراجعين ( المسئولة عن إعداد التقارير و توصيلها إلي أصحاب المنشأة ) .
v مهنة المحاسبة والمراجعة ( المسئولة عن فحص وتدقيق هذه التقارير وعن تحديد وتطوير مبادئ المحاسبة والمراجعة ) .
v مستخدمي التقارير المالية ( المستفيدين منها خارج المنشأة ).

اتجاهات تحقيق الأهداف :-
إن من أهم المشاكل التي تثيرها عملية تحديد أهداف التقارير المالية، تنشأ من احتمالات تعارض وجهات النظر الثلاثة، وما قد يفرضه ذلك من ضرورة تغليب وجهة نظر مجموعة على أخرى .
1- وجهة نظر إدارة المنشأة كانت الوجهة الغالبة في تحديد أهداف المحاسبة، حيث كان إعداد التقارير المالية محكوماً بمدي استعداد المنشأة وقدرتها على الإفصاح ، وبالتالي كان الهدف الأساسي للتقارير المالية هو الإفصاح عن مدي وفاء الإدارة بالتزاماتها ومسئولياتها اتجاه أصحاب الأموال .

2- وجهة نظر المراجع الخارجي فقد على أهداف المحاسبة ، وأصبح الهدف من التقارير المالية هو إظهار مدي عدالة الإفصاح ومدي اتفاقه مع المبادئ المحاسبية المتعارف علىها ، أي أن الاهتمام الأساسي أصبح يركز على إنتاج تقارير مالية تتسم بالموضوعية ومستندة على مبادئ المحاسبة المتعارف علىها، بغرض حماية المراجع الخارجي من أية مسئولية قد يتعرض لها .

3- وجهة نظر مستخدمي التقارير المالية هي وجهة النظر السائدة حالياً في تحديد أهداف المحاسبة وهو ما يعرف بالاتجاه النفعي أو اتجاه فائدة المعلومات في اتخاذ القرارات، لأن الهدف الرئيسي من التقارير المالية يعتمد على المعلومات التي يحتاجها مستخدمو هذه التقارير، بحيث يقع على عاتق كل من المنشأة ، والمهنة مسئولية توجيه وتطوير إمكانياتهم وقدراتهم نحو تحقيق هذه الاحتىاجات .

وقد يكون مستخدمي التقارير المالية من داخل المنشأة أو خارجها ، في فالاستخدامات الداخلية للتقارير المالية هي استخدامات تتعلق بإدارة المنشأة وتدخل في نطاق ما يعرف بالمحاسبة الإدارية وهي استخدامات محددة ومعروفة ولا تثير مشكلة في مجال تحديد الأهداف ،لأن إدارة المنشأة تستطيع تصميم وتشغيل نظام المعلومات طبقاً لاحتىاجاتها .

أما بالنسبة للمستخدمين الخارجيين فإن بعضهم قد تكون لهم القدرة على الحصول على هذه المعلومات طبقاً لاحتىاجاتهم، ومن أمثلة هذه المجموعة ( مصلحة الضرائب، البنوك والمنشآت المالية، السلطة المشرفة على سوق الأوراق المالية، النقابات العمالية، إلخ .....) .

أما المجموعة الأخرى من مستخدمي تلك التقارير فهي تلك التي لا يتوفر لها القدرة ، لكي تملي احتىاجاتها من المعلومات على إدارة المنشأة ، فبالنسبة لهذه المجموعة تعتبر التقارير المالية التي تعدها الإدارة هي المصدر الأساسي للحصول على المعلومات التي يحتاجونها عن المنشأة .

* أهداف التقارير الماليـــــة : -
إن تحديد أهداف التقارير المالية ذات الغرض العام يثير الكثير من التساؤلات أهمها:-
v من هم المستخدمون الخارجيون للتقارير المالية ذات الغرض العام ؟
v هل هناك احتىاجات مشتركة لهم وما هي طبيعة هذه الاحتىاجات ؟
v ما هي درجة الوعي والإدراك والجدية المفترضة لدي هؤلاء المستخدمين ؟
v إلي أي مدي يمكن مقابلة هذه الاحتىاجات ؟
v ما هو الإطار العلمي الملائم لمقابلة هذه الاحتىاجات ؟

ولدراسة هذه التساؤلات والإجابة عنها، فإن ذلك يتطلب دراسة كل من :-
v الظروف البيئية المحيطة باستخدام التقارير المالية .
v أهم الفئات المستخدمة للتقارير المالية .
v محدودية استخدام المعلومات التي تتضمنها التقارير المالية .

1- الظروف البيئية وأثرها في تحديد أهداف التقارير المالية :
v تؤثر الاعتبارات الاقتصادية والقانونية والسياسية والاجتماعية القائمة، ففي المجتمعات ذات الاقتصاد الحر حيث توجد أسواق مالية متطورة ونشطة للتبادل .
v يتخذ الأفراد يتخذون قراراتهم الاقتصادية بما يحقق التخصيص الأمثل لمواردهم.
v تلعب الأسواق دوراً رئيسياً في توجيه المدخرات نحو الاستثمار في الوحدات التي تستخدم الموارد بدرجة أكبر من الكفاءة والفاعلىة ، ومما لا شك فيه أن توفير هذه المعلومات سوف يزيد من كفاءة هذه الأسواق في تخصيص الموارد وعلىه فإنه طبقاً لمقتضيات الظروف البيئية يمكن القول أن الهدف الأساسي للتقارير المالية هو توفير المعلومات الملائمة والمفيدة لمستخدمي هذه المعلومات الذين يتخذون القرارات الاقتصادية .

2- فئات مستخدمي التقارير المالية :
v يمكن تحديد احتىاجات مشتركة لمستخدمي التقارير المالية، ذات الاستخدام العام وفي نفس الوقت تتضمن معلوما ملائمة لهذه الاحتىاجات المشتركة لهم مثل ( المستثمرون الحاليين والمرتقبون، المقرضون الحاليين والمرتقبون، الموردون والعملاء والعاملون) .

v المستثمرون الحاليون ينظرون إلي التقارير المالية على أنها المصدر الأساسي للمعلومات التي تساعدهم على استمرارية حيازتهم للحقوق التي يمتلكونها في المنشأة ، وقدرة الإدارة الحالية للمنشأة على تصريف أمورها، كما أن المستثمرون المرتقبون ينظرون إلي التقارير المالية لغرض تحديد حجم وطبيعة التدفقات النقدية التي يتوقع أن تؤول إليهم .

v المقرضون الحاليين والمرتقبون ينظرون إلي التقارير المالية على أنها المصدر الأساسي للمعلومات التي تساعدهم على فهم أوضاع المنشأة من حيث منح الائتمان والضمانات ومعدل العائد وشروط السداد وتواريخ الاستحقاق أي بمعني تقييم قدرة المنشأة على توليد تدفقات نقدية تضمن لهم حقوقهم ، .
v تنصب اهتمامات الموردين والعملاء والعاملين، حول مدي ربحية علاقاتهم الحالية والمرتقبة مع المنشأة ، وقدرة المنشأة على الاستمرار في تحقيق احتىاجات هذه الفئات وتوليد تدفقات نقدية وضمان استمراريتها .

3- وفيما يتعلق بمحدودية المعلومات التي توفرها التقارير المالية:
v أن التقارير المالية لا يمكنها توفير كل المعلومات اللازمة عن التغيرات والأحداث التي تعد على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لمستخدمي هذه التقارير.
v أن المعلومات التي تتضمنها هذه التقارير هي معلومات تتعلق بأحداث تاريخية وقعت فعلاً مما تستوجب إجراء التحليلات والتنبؤات اللازمة بشأنها .
v ليس بمقدور المحاسبة الفصل بين أداء الإدارة وبين أداء المنشأة، لأن نجاح أو فشل المنشأة إنما يتوقف على كثير من المتغيرات الخارجية ، والتي لا يكون لإدارة المنشأة القدرة على السيطرة أو التأثير علىها ، وعلىه فإن المعلومات الواردة بالتقارير المالية تقتصر على تقييم أداء الإدارة بمعزل عن أداء المنشأة .
v التقارير المالية ذات الغرض العام لا توفر معلومات عن المتغيرات التي لا يمكن قياس آثارها المالية، وبالتالي فإنها لا تحتوي على مقاييس مباشرة تفيد في تقدير المنافع والتكاليف الاجتماعية وكذلك المخاطر التي ترتبط بحقوق الملكية .

هذا وقد بذلت عدة محاولات لتحديد أهداف القوائم المالية كان أهمها المحاولة التي قام بها مجمع المحاسبين القانونيين الأمريكي عام م1971م ، حيث تم تكوين لجنة عرفت باسم لجنة تروبلود (
true blood ) وحددت فيه 12هدفاً للقوائم المالية كانت الأساس الذي بنيت علىه الكثير من الآثار المحاسبية الواضحة كما يلي :-
ü الهدف الأول : إن الهدف الأساسي للقوائم المالية هو توفير معلومات مفيدة في مجال اتخاذ القرارات .
ü الهدف الثاني : خدمة الطائفة التي ليس لديها القدرة أو الإمكانيات على طلب المعلومات مباشرة مما يجعلها تعتمد على القوائم كمصدر أساس لتوفير المعلومات .
ü الهدف الثالث : توفير المعلومات المفيدة للمستثمرين والمقرضين من أجل عقد المقارنات وعمل التنبؤات وإجراء التقييمات للتدفقات النقدية المتوقعة .
ü الهدف الرابع : هو إمداد مستخدمي هذه القوائم بالمعلومات اللازمة لإجراء التنبؤات وعقد المقارنات وتقييم قدرة المنشأة على تحقيق الدخل .
أي أن هذا الهدف يشير إلي أن تدفقات الدخل تعتبر أساس أفضل للتنبؤ وعقد المقارنات وتقييم قدرة المنشأة على تحقيق الدخل .
ü الهدف الخامس : هو توفير المعلومات اللازمة لتقييم قدرة المنشأة على الاستخدام الكفؤ ( efficient ) والفعال ( effective ) للموارد الاقتصادية المتاحة، أي أن هذا الهدف يشير إي الحاجة لتقييم أداء الإدارة نحو الاستخدام الأمثل للموارد وليس مجرد مسؤليتها التقليدية تجاه صيانة وحماية الأصول .
ü الهدف السادس : توفير معلومات واقعية وتفسيرية عن العمليات والأحداث التي تساعد في التنبؤ ،والمقارنة، والتقييم لقدرة المنشأة على تحقيق الدخل .
ü الهدف السابع : تقديم قائمة للمركز المالي تكون مفيدة في مجال التنبؤ والمقارنة و التقييم لقدرة المنشأة على تحقيق الدخل، ولتحقيق ذلك يلزم التقرير في هذه القائمة عن دورات النشاط غير المكتملة حتى تاريخ الإعداد وأن تكون القياسات على أساس القيم الجارية، كذلك يحدد الهدف بأن يكون التبويب لعناصر الأصول والخصوم على أساس درجة السيولة التي يتمتع بها العنصر .
ü الهدف الثامن : تقديم قائمة بالدخل الدوري بحيث يمكن الاعتماد علىها في عمل التنبؤات والمقارنات والتقييم بقدرة المنشأة على تحقيق الدخل في ا لمستقبل ، أي أنه يلزم التقرير عن نتائج العمليات والأحداث التي تمثل دورات النشاط المكتملة، وكذلك تقدير نتائج النشاط للدورات غير المكتملة حتى تاريخ الإعداد ، كما يلزم التقرير عن التغيرات التي طرأت على القيم الواردة في قائمة المركز المالي .
ü الهدف التاسع : تقديم قائمة بالنشاط المالي بحث يمكن الاستفادة منها في عمل التنبؤات والمقارنات والتقييم للقدرة الإيرادية للمنشأة، ويلاحظ هنا أن دورات النشاط المالي تعتبر أقصر دورات النشاط إذا ما قورنت بدورات نشاط أخري كدورات الحصول على الأصول الثابتة واستخدامها ، أي أن هذه القائمة يتم التقرير فيها عن وقائع متعلقة بالعمليات والأحداث ذات الآثار النقدية المتحققة فعلاً أو وجود احتمال كبير في تحققها .
ü الهدف العاشر : تقديم قائمة بالتقديرات المالية المتصلة بالمستقبل ، إن مثل هذه القائمة تساعد على التنبؤ بتقييم الأحداث الاقتصادية المتوقعة خدمة لمستخدمي القوائم المالية.
ü الهدف الحادي عشر : توفير معلومات مفيدة في مجال تقييم كفاءة الإدارة في استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة ومدي فاعلىتها لتحقيق أهداف التنظيم .
ü الهدف الثاني عشر : هو التقرير عن تلك الأنشطة التي تقوم بها المنشأة ، والتي يكون لها أثر على المجتمع، ومن الطبيعي أن تكون هذه الآثار قابلة للقياس الكمي حتى يمكن التقرير عنها ويعتبر هذا الهدف إشارة صريحة إلي المسؤولية الاجتماعية للوحدات الاقتصادية .

v وفي وقت لاحق قام مجمع المحاسبين القانونيين بإنجلترا وويلز وبجهود إضافية وقدم قوائم أخرى هي :-
1. قائمة لبيان القيمة المضافة وكيفية توزيعها على عوامل الإنتاج .
2. قائمة لبيان شؤون العمالة خاصة فيما يتعلق بالإنتاجية والكفاية والعلاقات الصناعية .
3. قائمة لبيان حجم المعاملات مع الحكومة كالإعانات والمنح والضرائب والتأمينات الاجتماعية .
4. قائمة لبيان المعاملات مع العالم الخارجي والتي تمت بعملات أجنبية والمتعلقة بالإقراض والاقتراض .
5. قائمة لبيان التوقعات المستقبلية لمستويات الأرباح والعالة والاستثمار.
6. قائمة لبيان أهداف النشاط .

v وفي مجال تحقيق تلك الأهداف قام مجلس معايير المحاسبة الأمريكي بنشر إصدارين الأول في نوفمبر 1978م ، يتعلق بأهداف التقارير المالية في المشروعات التجارية، والثاني في ديسمبر 1980م ويتعلق بأهداف التقارير في المشروعات غير التجارية أو التي لا تهدف إلي تحقيق الربح كما يلي :-

* الأول : الأهداف في الوحدات أو المشروعات التجارية ( الاقتصادية ) : -
1. توفير المعلومات التي تفيد مستخدمي القوائم المالية في ترشيد القرارات الاستثمارية والائتمانية الخاصة بهم .
2. توفير المعلومات التي تفيد في تقدير التدفقات المستقبلية ، فالمستثمرون الحاليين والمرتقبون والدائنون يهمهم الحصول على تدفقات نقدية متمثلة في الأرباح الموزعة والفوائد على السندات .
3. توفير المعلومات المتعلقة بموارد المنشأة والتزاماتها والتغيرات التي طرأت على هذه الموارد والإلتزامات، إن هذه المعلومات سوف تساعد المستثمرين والدائنين وغيرهم على تحديد مواطن القوة والضعف واحتمالات مواجهة حالات العسر المالي .
4. توفير المعلومات التي تفيد في تقييم أداء المنشأة وتحديد أرباحها، حيث يعتمد تقييم أداء المنشأة على مقاييس الربح الدوري ومكوناته، وهنا نجد أن مقاييس الربح المعدة طبقاً لمبدأ الاستحقاق تعطي مؤشراً أفضل لأداء المنشأة لأنه يربط بين المجهودات والإنجازات، وبالتالي يعتبر أساساً سليماًَ للتنبؤ بالتدفقات النقدية المتوقعة .
5. توفير المعلومات التي تفيد في تحديد درجة السيولة والأعباء وتدفق الأموال الصادرة والواردة .
6. توفير المعلومات التي تفيد في التقرير عن مسؤولية الإدارة وتقييم كفاءة أدائها وتحديد مسئولياتها ومدي نجاحها في المحافظة على موارد المنشأة .
7. توفير معلومات تتعلق بملاحظات وتفسيرات الإدارة التي ترى أهميتها لمستخدمي التقارير بغرض زيادة المنفعة التي تتضمنها.

* الثاني : الأهداف في الوحدات غير الاقتصادية : -
1. يجب أن توفر التقارير المالية معلومات مفيدة في مجال ترشيد القرارات للذين يقومون بتدبير الموارد المالية .
2. يجب أن توفر التقارير المالية المعلومات المفيدة لمقدمي الأموال الحاليين والمرتقبين للوقوف على مدى قيام الإدارة بمسئولياتها وتقييم أدائها ، مما يلزم التقدير بصفة خاصة عن مدي التقيد بالحدود المفروضة على استخدام الموارد، كما يلزم الإفصاح عن مدي نجاح الإدارة في تحقيق الأهداف .
3. يجب أن توفر التقارير المالية معلومات عن الموارد الاقتصادية المتاحة وعن الإلتزامات القائمة على هذه الموارد وعن صافي الموارد القائمة وكذلك عن التغيرات التي طرأت علىها، .
4. يجب أن توفر التقارير المالية معلومات مفيدة لتقييم الأداء الدوري للوحدة المحاسبية، مما يتعين الإفصاح عن التغيرات التي تحققت في صافي الموارد ويعتبر أساس الاستحقاق هو الأساس الملائم لقياس التغيرات الموجبة والسالبة لموارد الوحدة
5. يجب أن توفر التقارير المالية معلومات مفيدة للتعرف على مصادر الحصول على النقدية وغيرها من الموارد وكذلك أوجه استخداماتها .
6. يجب أن توفر التقارير المالية معلومات تتعلق بأي إيضاحات أو ملاحظات تري إدارة الوحدة أنها تساعد مستخدمي التقارير في اتخاذ قراراتها .

ثانياً: المفاهيم الخاصة بطبيعة الوحدة المحاسبية :
v الوحدة المحاسبية هي دائرة نشاط معين يلزم إخضاعه للمنهج المحاسبي، وقد تختلف طبيعتها من عدة أوجه، فمن حيث الشكل القانوني أو التنظيمي هناك مشروعات فردية وشركات أشخاص وشركات أموال .
v وحيث النظام فقد تتمثل الوحدة المحاسبية في اعتماد من المال المخصص لمواجهة غرض معين، أو قد تتمثل في فرع أو شركة قابضة أو تابعة أو تتمثل في الاقتصاد القومي .
v تختلف الوحدة المحاسبية من حيث الهدف الذي تسعي إليه، فمنها من يهدف إلي الربح، أو لا تهدف إلي ذلك ، ومنها من يهدف إلي أغراض اقتصادية أخري، ونظراً لتعدد خصائص الوحدة المحاسبية تتعدد المفاهيم الخاصة بها على النحو التالي :

1- مفهوم حقوق الملكية :-
ليس هناك خلاف حول أن الوحدة المحاسبية هي شخصية مستقلة ، ولكن الاختلاف حول طبيعة هذه الشخصية ، وطبقاً لمفهوم حقوق الملكية تعطي الأهمية لعنصر الملكية باعتباره الجوهر والمحور الأساس في مدي نجاح أو استمرار المشروع ، ويشير هذا المفهوم إلي المنشأة الفردية أو شركات الأشخاص ، وفيما يلي أهم النتائج المترتبة على ذلك :-
§ بالنسبة للأصول: تعتبر الأصول ملكاً لصاحب المشروع وليست ملكاً للمشروع.
§ بالنسبة للخصوم : تعتبر الخصوم التزامات على صاحب المشروع وليست التزامات على المشروع.
§ بالنسبة لمعادلة الميزانية: يكون التركيز على حقوق أصحاب المشروع وتكون معادلة الميزانية كالآتي : ( حقوق الملكية= الأصول – الخصوم )
§ بالنسبة للإيرادات : تمثل الإيرادات عناصر موجبة في حساب رأس المال .
§ بالنسبة للمصروفات : تمثل المصروفات عناصر سالبة في حساب رأس المال .
§ بالنسبة لنتائج الأعمال: يتم تحديد نتائج الأعمال عن طريق مقارنة المركز المالي في بداية ونهاية الفترة المحاسبية .
ومن الجدير بالذكر أن الربح طبقاً لوجهة نظر حقوق الملكية (أصحاب المشروع) هو ربح شامل أو أياً كان مصدره بعد تغطية كافة عناصر ا لتكاليف ، وبصفة خاصة الفائدة التي تتحملها المنشأة نتيجة للاقتراض ، وكذلك الضرائب على الأرباح ، كما تعتبر التوزيعات في حكم المسحوبات مما يؤدي إلي تخفيض حقوق الملكية .

2. مفهوم الشخصية المعنوية :-
v يعني هذا المفهوم أن المشروع له شخصية معنوية ذات وجود قانوني قائم بذاته وله ذمة مالية يمكنه التملك والتقاضي منفصلاً عن الذمة المالية للمالكين .
v ساد هذا المفهوم في الفكر المحاسبي منذ أوائل القرن العشرين، بعد زيادة عدد وحجم شركات الأموال، حيث يستوي رأس المال المقترض مع رأس المال المملوك من حيث فاعلىته في تحريك النشاط، فضلاً عما نجده من تجزئة رأس المال المملوك والمقترض، وسهولة تداوله في سوق الأوراق المالية .
v كثرة عدد الأشخاص أصحاب المصلحة في الوحدة المحاسبية ، وتغيير هويتهم في بشكل مستمر مما يجعل قيامهم جميعاً بمهام الإدارة أمراً مستحيلاً، أي أن مفهوم الشخصية المعنوية يأخذ بوجهة نظر الإدارة .

وفيما يلي أهم النتائج التي تترتب على ذلك : -
v بالنسبة للأصول: تعتبر الأموال أو الموارد التي يستخدمها المشروع في نشاطه هي ملك المشروع باعتباره شخصية معنوية، وأن أصحاب المشروع لهم الحق على هذه الأصول متمثلاً في الأرباح عند تقديرها أو التصفية عند الانقضاء، كما أن المقرضين ( حملة السندات ) لهم الحق على هذه الأموال متمثلاً في العوائد المحققة لهم والمتفق على تحديدها .
v بالنسبة للخصوم: تعتبر أموال والتزامات على المشروع ، ولا يمكن الرجوع بها على الأموال الخاصة بأصحاب المشروع .
v بالنسبة لمعادلة الميزانية: تعتبر معادلة الميزانية تعبيراً عن وجهة نظر الإدارة فهي الوكيل عن أصحاب الحقوق في المشروع ، وتأخذ الشكل التالي : ( مجموع الأصول = مجموع الخصوم ) .
( مجموع الأصول = مجموع الحقوق بما في ذلك الالتزامات أو أوجه الاستخدام
للأموال = مصادر الأموال).
v بالنسبة للإيرادات: تعتبر الإيرادات هي مجموع القيم المالية التي تستحق للمشروع نظير تأدية خدماته أو بيع منتجاته للغير، فهي تدفقات دخل موجبة ، وليس مجرد تغيرات في حساب رأس المال .
v بالنسبة للمصروفات: تعتبر المصروفات هي تكلفة الحصول على الإيرادات ، أي المجهودات التي بذلت للحصول على الإيرادات مما يعني وجود العلاقة السببية بينهما ، فهي تدفقات دخل سالبة .
v بالنسبة لنتائج الأعمال: تعتبر محصلة المقابلة بين الإيرادات والمصروفات ، وليست مقارنة صافي الأصول بين تاريخيين متعاقبين ، أي أن الهدف قد أصبح الحكم على مدي كفاءة الإدارة في استثمار الأموال الموكلة إليها . من قبل المساهمين والمقرضين ،

ويلاحظ على النتائج السابقة ما يلي :-
v أن وجهة نظر الشخصية المعنوية تعطي الأولوية من حيث الاهتمام لقائمة الدخل وقياس نتائج الأعمال خلافاً لمفهوم حقوق الملكية التي تعطي الأولوية من حيث الاهتمام لقائمة المركز المالي.
v وهناك العديد من الممارسات المحاسبية التي تعتمد في تأصيلها العلمي على اختيارنا لمفهوم معين دون الأخر، فمثلاً يعتبر استخدام طريقة الوارد أخيراً صادر أولاً LIFO أكثر اتفاقاً مع وجهة نظر مفهوم الشخصية المعنوية لأنها تؤدي إلي قياس أفضل للدخل الدوري، في حين أن طريقة الوارد أولا صادر أولاً FIFO تعتبر أكثر اتفاقاً مع وجهة نظر أصحاب المشروع ( حقوق الملكية ) لأنها تحقق قيماً لعناصر الأصول في قائمة المركز المالي أكثر تعبيراً عن القيم الجارية لهذه الأصول .
v التقييم الأصول يمكن القول أن وجهة نظر أصحاب المشروع (حقوق الملكية) تتفق أكثر مع استخدام القيم الجارية، في حين أن وجهة نظر الشخصية المعنوية تتفق أكثر مع استخدام أساس التكلفة التاريخية ، ولعل من أهم النتائج المترتبة على الأخذ بمفهوم معين من مفاهيم الوحدة المحاسبية، هو ذلك الأثر الناتج عن تحديد مفهوم الربح والعناصر المكونة له، فمثلاً قد يقصد بمفهوم حقوق الملكية ( أصحاب المشروع ) أصحاب الأسهم العادية والممتازة، وقد يقصد به أصحاب الحقوق المتبقية ( الأسهم العادية ) لأن هذا الاختلاف له تأثير على مفهوم مكونات الربح المحاسبي، فالربح من وجهة نظر حملة الأسهم أشمل من الربح من وجهة نظر أصحاب الحقوق المتبقية لأن الربح من وجهة النظر الأخيرة تعتبر توزيعات الأسهم الممتازة تكلفة يتعين استلامها قبل الوصول إلي الربح الصافي ،. وعلى العكس من ذلك قد يتسع مفهوم حقوق الملكية بحيث يشمل المستثمرين على اختلاف طوائفهم مثل حملة الأسهم العادية، حملة الأسهم الممتازة، حملة السندات أو أصحاب القروض طويلة الأجل، وفي هذه الحالة يعتبر الربح الصافي هو الربح الذي يتم التوصل إليه قبل خصم فوائد السندات أو فوائد القروض طويلة الأجل حيث يعتبر في هذه الحالة توزيعاً للربح وليست من عناصر المصروفات،. وأخيراً نجد أن من أشمل التفسيرات لمفهوم الشخصية المعنوية هي تلك التي تركز على المنشأة ككل وليس على الإدارة حيث ينظر إلي الوحدة المحاسبية على أنها تنظيم اجتماعي يسعى لتحقيق مصالح أطراف عديدة تتمثل في الملاك، المقرضين، الحكومة، العاملين ، الإدارة، المجتمع، أي أنه نواة المحاسبية عن المسؤولية الاجتماعية .


3. مفهوم الإعتمادات أو الأموال المخصصة :-
v يعتبر هذا المفهوم التفسير المناسب لطبيعة الوحدات الإدارية التي تمثل الجهاز الإداري والحكومي للدولة.
v أن الوحدة الإدارية ليست ذات شخصية معنوية مستقلة بدليل أن الفائض أو العجز في أموال الوحدة يتم تسويته عن طريق الخزانة العامة.
v لا توجد علاقة السببية بشكل قاطع بين الإيرادات والمصروفات كما ليست للوحدة الإدارية رأس مال بالمفهوم التجاري المألوف ، وفيما يلي أهم النتائج المترتبة على الأخذ بهذا المفهوم : -
v بالنسبة لطبيعة الوحدة المحاسبية: تعرف الوحدة المحاسبية بأنها مجموعة من الأموال المخصصة لتأدية نشاط معين، بموجب قيود محددة على قيمة كل مصروف ومجال إنفاقه ، فهي بذلك مجرد اعتماد مالي .
v بالنسبة للأصول: هي مجموعة من الموارد المعتمدة للوحدة لاستخدامها في مجال محدد، فهي عبارة عن إيرادات مستحقة .
v بالنسبة للخصوم : وهي تتمثل في الاعتمادات المحددة لكافة مجالات الإنفاق المختلفة ، فهي مصروفات مستحقة خلال الفترة المحاسبية وفقاً للقيود الموضوعة على المصروف ومجال إنفاقه .
v بالنسبة لمعادلة الميزانية: حسب التعريفات السابقة تكون :
( الإيرادات المقرر تحصيلها (إيرادات مستحقة) = الاعتمادات المخصصة (مصروفات مستخقة).
v بالنسبة للإيرادات والمصروفات: تمثل إيرادات الوحدة ذلك الجزء من الإيرادات الذي تم تحصيله من الإيرادات المقررة، أما المصروفات فتمثل ذلك الجزء الذي تم إنفاقه فعلاً من الإعتمادات المخصصة .
v بالنسبة لنتائج الأعمال: يركز المفهوم على مدي التزام الوحدة المحاسبية وتقيدها بالحدود المقررة في استخدام الموارد المخصصة حسب الإعتمادات .


ثالثاً: مفاهيم جودة المعلومات المحاسبية :-
تعرضنا فيما سبق إلى تحديد أهداف التقارير المالية بإعتبارها نقطة البداية في تطبيق منهج فائدة المعلومات، حيث أن تحديد الأهداف يؤدي إلي تحديد وتقييم البدائل المحاسبية التي يتم المفاضلة بينها لاختيار أفضل الطرق والأساليب المناسبة للقياس والإفصاح .

كما أنه بعد تحديد مفاهيم الوحدة المحاسبية، يلزم الأمر تحديد مفاهيم جودة المعلومات المحاسبية، ويقصد بجودة المعلومات المحاسبية :
v " تلك الخصائص التي يجب أن تتسم بها المعلومات المحاسبية المفيدة "، أي جودة المعلومات المحاسبية تتحدد في ضوء :
- ملائمة المعلومات
relevance .
- درجة الثقة
reliability .

v وفي المقابل هناك خصائص أخري تتعلق بمتخذي القرارات (مستخدمي التقارير) مثل :
§ مجال استخدام القرارات وطبيعة المشكلة التي يواجهها .
§ طبيعة ومصادر المعلومات التي يحتاجونها .
§ طبيعة النموذج القراري المستخدم .
§ مقدار ونوعية المعلومات المتوفرة .
§ قدرة متخذ القرارات على تحليل المعلومات .
§ مستوي الفهم والإدراك المتوفر لدي متخذ القرار .

v هناك علاقة متداخلة بين الخصائص الذاتية للمعلومات وبين خصائص مستخدمي هذه التقارير ، فبالنسبة للخصائص الذاتية للمعلومات فإنه يتفرع منها خصائص فرعية أهمها:-
§ قدرة المعلومات على التنبؤ والتقييم .
§ أن تعبر المعلومات بصدق عن الأحداث والظواهر التي وقعت .
§ أن تكون هذه المعلومات قابلة للإثبات بمعني أنه بالإمكان التحقق من سلامتها مما يتطلب قدراً كبيراً من الحياد في مجال القياس والإفصاح .
§ أن تكون قابلة للمقارنة وما يتطلبه ذلك من ثبات في تطبيق الطرق والأساليب المحاسبية ،وعادة تتم هذه المقارنة بين نتائج الفترات لنفس الوحدة المحاسبية أو المقارنة بين نتائج الوحدات المحاسبية المختلفة .
§ توقيت إعداد المعلومات أي إعداد المعلومات بحيث تصل إلي مستخدميها في الوقت المناسب .


* مفهوم الملاءمة والثقة :-
يقصد بالملائمة هو قدرة المعلومات على إحداث تغيير في اتجاه قرار مستخدم معين ليس لديه علم مسبق بهذه المعلومات .
وبتطبيق مفهوم الملاءمة على التقارير المالية، فإن التقارير الصادرة سوف تعمل على تكوين توقعات عن النتائج المتعلقة بالفترة المستقبلية استناداً على أحداث الماضي والحاضر ، أما إذا كان لدي مستخدمي التقارير توقعات قائمة بالفعل وقت حصولهم على المعلومات ، فإن ملائمة هذه المعلومات تعني في هذه الحالة قدرتها على تعزيز (
SONFIRMATION ) التوقعات الحالية أو أحداث تغيرات في هذه التوقعات وفي كلتا الحالتين تعتبر المعلومات المحاسبية معلومات ملائمة لأنها أدت إلي تغيير درجة التأكد بالنسبة للقرار محل الدراسة وهناك ثلاث مقومات لخاصية الملاءمة هي :
v القدرة على التنبؤ بالمستقبل .
v القدرة على التقييم الإرتدادي للتنبؤات السابقة .
v التزامن (التوقيت الملائم) .

v وفيما يتعلق بالمفهوم الأول يجب أن تكون المعلومات قادرة على تحسين قدرة متخذ القرار على التنبؤ بالنتائج المتوقعة في المستقبل أو أن تؤدي إلي تصحيح أو تعزيز توقعاته الحالية .

v وفيما يتعلق بمفهوم التقييم الارتدادي فيقصد بها مساعدة مستخدم المعلومات في تقييم مدي صحة التوقعات السابقة ، وبالتالي تقييم نتائج القرارات التي بنيت على هذه التوقعات ، فمن المعلوم أن الوقوف على نتائج الماضي وتقييم اتجاهاتها سوف يكون مفيداً بالتنبؤ نحو المستقبل ، ومن أمثلة المعلومات المحاسبية التي تتميز بالقدرة على التقييم الارتدادي لنتائج القرارات الماضية، وفي نفس الوقت لها قدرة تنبؤية عالية بالنسبة للمستقبل سوف نجدها في التقارير المرحلية INTERIM REPORTSوالتقارير القطاعية SEGMENTAL REPORTING ،حيث أثبتت الدراسات الميدانية قدرة فاعلىة هذه التقارير في مجال تخفيض درجة عدم التأكد.


v أما بالنسبة لمفهوم التزامن (التوقيت الملائم ) فيقصد به توفير المعلومات في حينه أي قبل أن تفقد أهميتها وقدرتها على التأثير في عملية اتخاذ القرارات، وبالتطبيق في مجال التقارير المالية هناك جانبان لخاصية التوقيت:-
- دورية التقارير بمعني طول أو قصر الفترة التي يلزم إعداد تقرير عنها .
- المدة التي تنقضي بين نهاية الفترة التي تعد عنها التقارير وبين تاريخ إصدار هذه التقارير .


* مفهوم الثقة :-
مفهوم الثقة يقصد بها أمانة المعلومات وإمكانية الاعتماد علىها و ترتكز على ثلاث مقومات هي :-
v الصدق في التعبير .
v إمكانية التثبت من المعلومات .
v حيدة المعلومات .

v ويقصد بمفهوم الصدق هو وجود درجة عالية من التطابق بين المقاييس المطبقة والظواهر المراد التقرير عنها، فالعبرة بصدق تمثيل المضمون (الجوهر) وليس مجرد الشكل، فالصدق في التعبير عن الواقع الاقتصادي فمثلاً يتم الإفصاح عن معامل الخطأ الذي قد يصاحب الأرقام المحاسبية، فخاصية الصدق تتطلب تجنب نوعين من أنواع التحيز هما:-
· التحيز في سياسة الحيطة والحذر .
· التحيز من قبل القائم بعملية القياس، كما في حالة عدم الأمانة أو في حالة نقص المعرفة والخبرة .

v وفيما يتعلق بمفهوم التحقق والتثبت من المعلومات فهي التعبير المرادف والمستخدم حالياً في مجال المحاسبة والمعروف بشرط الموضوعية التي يجب أن تتوافر في أي قياس علمي ، بمعني أن النتائج التي يتوصل إليها الشخص المعين باستخدام أساليب معينة للقياس والإفصاح يستطيع أن يتوصل إليها شخص آخر مستقل باستخدام نفس الأساليب .

إن خاصية التثبت تحقق لنا تجنب التحيز المتعلق بشخصية القائم بعملية القياس ولكنها لا تضمن لنا صحة الطريقة المستخدمة في القياس، فالمعلومات قد تكون ناتجة عن تطبيق أمين وصادق للقواعد المحاسبية المتعارف علىها، وبالتالي يكون هناك تماثل كبير في النتائج التي يتم التوصل إليها مختلف المحاسبين، إلا أنه قد لا تكون هذه النتائج صادقة أو معبرة عن مضمون الظواهر المراد قياسها والإفصاح عنها .

v وفيما يتعلق بحيدة المعلومات فهي ترتبط بمستوى الأجهزة المسئول عن تنظيم السياسة المحاسبية (أي وضع معايير المحاسبة) ثم مستوى المسئولين عن إعداد التقارير المالية .

v وفيما يتعلق بحيدة المعلومات فهي تعني تجنب ذلك النوع المقصود من التحيز الذي قد يمارسه القائم بإعداد وعرض المعلومات المحاسبية ، بهدف التوصل إلي نتائج مسبقة أو بهدف التأثير على سلوك مستخدم هذه المعلومات ، وبمعني آخر أن خلو المعلومات من التحيز يحقق لنا بصورة تلقائية حيدة هذه المعلومات .

وأخيراً من الجدير بالذكر أن التطبيق الشائع لسياسة الحيطة والحذر ينتج عنه تشويه للأرقام المحاسبية مما يتعارض بشكل صارخ مع متطلبات خاصية الملاءمة، لأن سياسة الحيطة والحذر هي نوع من التحيز في القياس المحاسبي وهو أمر يتعارض مع حيدة المعلومات ولا يتفق مع خاصية الصدق في التعبير، كما تتعارض مع خاصية الثبات، كما ينتج عنها قياسات غير دقيقة للدخل الدوري للوحدة المحاسبية، ونظراً لأهمية خاصية الملاءمة والثقة في الإطار المفاهيمي، فإنه من المتوقع أن تفقد سياسة الحيطة والحذر في النموذج المحاسبي المعاصر أهمها :-
* القيود على استخدام الخصائص النوعية : -
هناك احتمالات للتعارض بين الخصائص النوعية التي سبق شرحها فمثلاً قد ينشأ التعارض فيما يلي :-
v التعارض بين التوقيت الملائم وبين القدرة التنبؤية للمعلومات حيث أن السرعة في إعداد المعلومات قد تكون على حساب الدقة والاكتمال .
v التعارض بين الصدق في التعبير وبين إمكانية التثبت من المعلومات ، وكمثال على ذلك نجده في استخدام الأرقام القياسية العامة والخاصة لغرض قياس القيم الجارية فمن المعروف أن الأرقام القياسية ما هي إلا متوسطات قد تكون بعيدة عن الصدق في تمثيل الظواهر الاقتصادية ، إلا أنها في المقابل تتمتع بدرجة عالية من الحياد في التطبيق .
v التعارض بين ملاءمة المعلومات وبين الثقة فيها ، وكمثال على ذلك اتباع أساس التكلفة التاريخية حيث تتمتع بدرجة عالية من الثقة لخلوها من التحيز، إلا أنها تمتع بدرجة منخفضة من الملاءمة بالنسبة لمستخدمي التقارير المالية.
v وفي جميع الأحوال يجب مراعاة توفر الحد الأدنى من الخصائص المذكورة في المعلومات المحاسبية، فمن المعروف أن الموقف التقليدي للمحاسب والمراجع الخارجي هو إعطاء أقصي أهمية لعامل الثقة للمعلومات التي ترد في صلب القوائم المالية، حتى لو كان ذلك على حساب مدي ملائمة هذه المعلومات .


v ليس كل المعلومات الملائمة أو الموثوقة فيها تعتبر معلومات مفيدة لأن هذه المعلومات قد لا تكون ذات أهمية نسبية تذكر ، كما قد تكون تكلفة الحصول على ها أكبر من العائد المتوقع، أي أنه يجب إخضاع الخصائص النوعية المذكورة لنوعين من الاختبار هما :-
- اختبار مستوي الأهمية النسبية .
- اختبار التكلفة والعائد .

v فبالنسبة لمستوي الأهمية النسبية ، تعتمد المعلومات على اعتبارات كمية ونوعية أو على خليط منهما، والسؤال إلى يثور ما هو حجم البند وما هي درجة تأثيره بصورة منسوبة إلي المستوي الذي يعتبر عادياً أو منسوباً إلي بند آخر أو منسوباً إلي مجموعة من البنود ذات الصلة ، كما يوجد ارتباط وثيق بين الملاءمة وبين الأهمية النسبية، لأن المعلومات التي لا ترتبط بأهداف التقارير المالية لا تعتبر مهمة، وهناك ارتباط آخر بين خاصية الثقة وبين الأهمية النسبية ، لأن أخطاء القياس غير المهمة لا تؤثر على الثقة في مجال المعلومات .

v وبصفة عامة يمكن القول أن البند يعتبر ذو أهمية نسبية إذا أدي حذفه أو الإفصاح عنه بصورة محرفة إلي التأثير على متخذ القرار ، وهذا الأمر بطبيعته يعتمد بصفة أساسية على طبيعة البند المتعلق بالمعلومات المالية، فمثلاً يمكن القول أنه إذا بلغ نشاط معين من أنشطة المنشأة ما قيمته 10% من إيرادها فإن هذا النشاط يعتبر قطاع متميز ويلزم التقرير عن نتائجه بصورة منفصلة .

v أما فيما يتعلق بموضوع التكلفة والعائد فإن القاعدة العامة هي أن المعلومات المحاسبية لا يجب إنتاجها وتوزيعها إلا إذا كانت منفعتها تزيد عن تكاليفها، فاختيار التكلفة والعائد ما هو إلا نوع من دراسة الجدوى التي تطبق على إنتاج وتوزيع المعلومات المحاسبية ، وتشمل عادة تكاليف المعلومات المحاسبية عناصر متعددة مثل تكاليف تجميع وتشغيل وتخزين واستخراج المعلومات وتكاليف المراجعة الداخلية والخارجية وتكاليف الإفصاح .

رابعاً: المفاهيم الخاصة بالقوائم المالية :-
من المعلوم أن نتائج المحاسبة المالية تتبلور في مجموعة مترابطة ومتكاملة من القوائم المالية ، والتي تعتبر جزءاً أساسياً من الإطار المفاهيمي للمحاسبة، لذلك من الأهمية دراسة مفاهيم هذه القوائم .

والقوائم المالية قد تكون على نوعين :
* الأولي: قوائم مالية أساسية (
PRIMARY ) يتم إعدادها بصورة منتظمة ودورياً توفر لنا الحد الأدنى من المعلومات المحاسبية اللازمة لتحقيق أهداف المحاسبة المالية وهذه القوائم هي:-
v قائمة الدخل .
v قائمة المركز المالي .
v قائمة التغير في حقوق الملكية .
v قائمة التدفق النقدي .
* الثانية :- فهي القوائم الملحقة وهي قوائم إضافة يتم إعدادها بصورة تطوعية أو بناءً على توصيات محاسبية لمقابلة ظروف معينة، ومن أمثلة ذلك :-
v قوائم تفصيلية لبعض الإجماليات الواردة في القوائم المالية الأساسية .
v قوائم مالية معدة بالتغير في مستويات الأسعار .
v قوائم مالية موحدة لمجموعة من الشركات التي تكون وحدة اقتصادية متكاملة .
v قوائم مالية قطاعية عن خطوط الإنتاج والتوزيع في الوحدات ذات النشاط المتعدد .

وفيما يلي نتناول بالشرح والتحليل مفهوم القوائم المالية الأساسية .
1- مفهوم قائمة الدخل :-
v يتم إعداد قائمة الدخل لغرض بيان نتائج الأعمال والإفصاح عن مكوناتها بهدف المساعدة في تقييم التدفقات الإيرادية واستخدام نتائج هذا التقييم لأغراض التنبؤ بالتدفقات الإيرادية المستقبلية ، وإمكانية تحويلها إلي تدفقات نقدية ( Cash flows ) ، وتعد قائمة الدخل طبقاً لأحد مفهومين أساسيين للربح المحاسبي :
أ‌. مفهوم الربح من العمليات الجارية (
Current Operating ) .
ب‌. مفهوم الربح الشامل (
All- Inclusive or Comperhensive ) .


أ) مفهوم الربح من العمليات الجارية :-
v تتضمن قائمة الدخل العناصر التي تعتبر عادية ومتكررة تتعلق بنشاط الفترة الحالية.
v يتم استبعاد أي عنصر غير عادي أو غير متكرر ولا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنشاط الجاري مثل نتائج إيقاف أحد خطوط الإنتاج، نتائج تصحيح بعض أخطاء المقياس المحاسبي لسنوات سابقة ، الأثر الناتج عن تغيير بعض المبادئ المحاسبية .
v إن فلسفة هذا المفهوم يستند إلي تبرير أساسي هو أن العناصر غير العادية لا تخضع عادة لإدارة المنشأة، مما يجعل قائمة الدخل أكثر فائدة في مجال التقييم وعمل التنبؤات.
ب) مفهوم الربح الشامل :-
v فيتضمن إدخال أثر كافة العمليات والأحداث والظروف التي أدت إلي تغيير حقوق الملكية ( بعد استبعاد العمليات الرأسمالية والتي تتم مع أصحاب رأس المال بصفتهم ملاكاً ) .
v يعتمد أصحاب هذا الرأي على إبراز مساوئ إتباع مفهوم ربح النشاط الجاري ويذكرون في هذا الشأن أن تحديد العناصر غير العادية سوف يعتمد إلي حد كبير على تقدير ظروف الحال مما يفسح المجال أما الإدارة على تحديد نتائج الأعمال وفقاً لما تراه مناسباً ، مما يفقد هذه المعلومات الحياد والقدرة على التثبت من صحتها .

ومن الجدير بالذكر أن هناك اتفاق حتى وقت قريب بين المحاسبين على المفهوم الواجب إتباعه ، فقد كان موقف جمعية المحاسبين والمراجعين الأمريكيين مؤدياً لمفهوم الربح الشامل، في حين كان موقف مجمع المحاسبين والمراجعين القانونيين الأمريكيين مؤيداً لمفهوم الربح للنشاط الجاري ثم تحول بعد ذلك إلي مفهوم الربح الشامل، وتأخذ التوصيات المحاسبية المعاصرة بالجمع بين مفهومي الربح كما يلي :-
v إعداد قائمة دخل تحتوي على قسمين يختص الأول منها ببيان نتائج النشاط الجاري.
v يختص القسم الثاني ببيان نتائج الأنشطة غير التشغيلية التي لا ترتبط بالنشاط الجاري وإضافة هذه النتائج إلي القسم الأول من قائمة الدخل .

وفيما يتعلق بالبنود التي يشملها القسم الثاني فهي كالآتي :-
أ. البنود الإستثنائيـــة وهي البنود التي تجمع بين صفتين ، أن يكـون غير عـادي (
Unusual Nature )، وأن يكون غير متكرر
(
Infrequency of Occurrence ) ، وبالتالي إن تحديد هذه البنود على هذا النحو سوف يحد بشكل كبير من أثر الإجتهاد الشخصي، ومن أمثلة ذلك حدوث ظروف غير مألوفة، صدور قوانين تحظر التعامل في بعض منتجات المنشأة .

ب. الأثر الناتج عن تغيير بعض المبادئ المحاسبية والتي تنتج عادة بسبب إصدارات محاسبية جديدة، أو اعتبارات قانونية مستحدثة أو نتيجة تغير في الظروف المحيطة بنشاط المنشأة .

ج. الأثر الناتج عن الأنشطة التي تقرر إيقافها والتي تشتمل على عنصرين أساسيين هما :
v الربح أو الخسارة المتعلقة بعمليات النشاط التي تقرر إيقافه .
v المكاسب أو الخسائر الناتجة عن التخلص من هذه الأصول .

أما التسويات المتعلقة بالفترات السابقة فيجب ألا تؤثر على قائمة الدخل للفترة الحالية، وإنما يقتصر أثرها على تعديل رقم الأرباح المرحلة، ومن أمثلة ذلك تصحيح الأخطاء المحاسبية التي حدثت في القوائم المالية في الفترة السابقة .

2- مفهوم قائمة المركز المالي :-
قائمة المركز المالي هي تصوير للوضع المالي للمنشأة في لحظة معينة وبالتالي فإن محتويات قائمة المركز المالي هي عناصر لحظية وتعرف محاسبياً بمصطلح الأرصدة تمييزاً لها عن التدفقات التي تمثل القوائم المالية الأخرى.


ولذلك فإنه يمكن تقسيم عناصر القوائم المالية إلي ثلاث مجموعـات : -
1. الأرصدة : وهي تشمل عناصر الأصول والخصوم وحقوق الملكية ويتم الإفصاح عنها بقائمة المركز المالي .
2. تدفقات إيرادية: وتشمل عناصر الإيرادات والمصروفات ويتم الإفصاح عنها في قائمة الدخل .
3. تدفقات نقدية: وتشمل عناصر المتحصلات والمدفوعات ويتم الإفصاح عنها في قائمة خاصة.

v وفيما يتعلق بقائمة المركز المالي فإن هناك محدودية لاستخدامها في مجال توفير كافة المعلومات حيث أن كثير من الأرقام الواردة في هذه القائمة تتأثر إلي حد كبير بأحداث وظواهر لا يتم الاعتراف فيها محاسبياً مثل تغيرات الأسعار ، كما أن الأرقام الواردة فيها لا تمثل مقاييس متجانسة لأنها عبارة عن نسيج من عناصر مختلفة للأصول والخصوم يتم تقويمها على أساس التكلفة التاريخية أو التكلفة الجارية أو أسعار السوق أو القيم الدفترية .

v أن الاستخدامات الرئيسية لقائمة المركز المالي تتركز في مساعدة مستخدمي التقارير المالية على تقييم بعض خصائص الوضع المالي للمنشأة وبصفة خاصة ما يلي : ( درجة السيولة، درجة مرونة الهيكل المالي، احتمالات المستقبل، درجة المخاطرة، عقد المقارنات، حساب معدلات العائد، ).

v ويتم عادةً تبويب عناصر المركز المالي على أساس درجة سيولتها لذلك يتم تقسيم عناصر الأصول والخصوم إلي عناصر متداولة وأخري غير متداولة، ويقصد بالعناصر المتداولة تلك العناصر التي ينتظر تحويلها إلي نقدية خلال عام أو خلال دورة النشاط العادي أيهما أطول .

v وهناك رأي آخر يري أن يتم التبويب على أساس التمييز بين العناصر النقدية وغير النقدية داخل مجموعة العناصر المتداولة، كذلك يتم التمييز بين الأصول التي تقتني لغرض البيع وبين تلك التي تقتني لغرض الاستخدام .

v وفيما يتعلق بتبويب عناصر الخصوم فيمكن التميز بين خمسة أنواع من الإلتزامات:-
§ إلتزامات تعاقدية
contractual stabilities .
§ إلتزامات تقليدية
constructive obligations .
§ إلتزامات أخلاقية
equitable obligations.
§ إلتزامات إحتمالية
contingent liabilities .
§ أرصدة دائنة أخري
deferred credits .

v ويقصد بالالتزامات التعاقدية تلك الالتزامات التي تنشأ نتيجة تعاقد بين المنشأة وجهات أخري .
v أما الالتزامات التقليدية فهي الالتزامات غير التعاقدية ولا تعتمد على أسانيد قانونية وإنما تترتب عن أوضاع بيئية معينة تحيط بنشاط المنشأة ومن أمثلة ذلك ما جري عليه العرف من منح إجازات بأجر أو منح مكافآت للعاملين في نهاية العام .
v أما الالتزامات الأخلاقية فهي السائدة مثل العدالة والحق والواجب والمثال الواضح على ذلك هو استمرارية الالتزام الأخلاقي للمورد بتوريد السلع والخدمات رغم عدم وجود اتفاق قانوني بذلك .

v أما الالتزامات الاحتمالية فهي تلك الالتزامات الشرطية التي يصاحبها عنصر عدم التأكد من حيث قيام الالتزام أو مبلغ الالتزام أو تاريخ الالتزام ويشترط في هذا الالتزام وجود احتمالية قيام الالتزام وإمكانية قياس النتائج المترتبة علىه ومن أمثلة ذلك الدعاوى القضائية ضد المنشأة، الخسائر المحتملة من عقود شراء غير قابلة للإلغاء ، التزام مقابل ضمانات .

v أما فيما يتعلق بالأرصدة الدائنة فهي تشتمل على نوعين : -
الأول: يمثل إيرادات محصلة مقدماً، وهي تتعلق بأداء خدمات أو تقديم سلع للمنشأة .
الثاني: فهي عبارة عن تسويات محاسبية ناتجة عن تطبيق مبدأ مقابلة الإيرادات بالمصروفات ومن أمثلتها وفورات ضريبية مرحلة، مستحقات للغير لا يتم تضمينها في قائمة الدخل .

v وأما العنصر الأخير في قائمة المركز المالي فيمكن تقسيمه إلي ثلاثة بنود رئيسية هي:-
1) رأس المال المدفوع :-
وينقسم إلي:
§ رأس مال قانوني (
legal capital ) ويمثل المسؤولية القانونية لحملة الأسهم ويتحدد على أساس القيمة الاسمية .
§ رأس مال إضافي: ويشمل عناصر علاوة الإصدار ، زيادة أو نقص قيمة أسهم الخزينة المراد إصدارها، الهبات الرأس مالية .

2) رأس المال الكتسب :-
ويعرف بالأرباح المحتجزة ويمثل الأرباح المحققة وغير الموزعة حتى تاريخ إعداد المركز المالي وقد يكــــون رأس المال المكتسب غير مقيد أو أن يكون مقيد في شكل احتياطيات (
reserves ) مثل الاحتياط القانوني أو احتياطي التوسعات ويلزم هنا التفرقة بين الاحتياطيات والمخصصات حيث أن الاحتياطيات هي نوع من التصرف أو التخصيص للربح وليس التخفيض له، بينما المخصصات هي لمقابلة خسائر محتملة وهي بذلك تحميلاً على الربح .

3) رأس المال المحتسب :-
وهو يمثل تسويات رأسمالية لم تتحقق حتى تاريخ إعداد قائمة المركز المالي ومن أمثلة ذلك رأس مال إعادة تقويم، فروق ترجمة الأرصدة من العملات الأجنبية، أرباح الحيازة غير المحققة ومن ذلك يتبين أ، قائمة المركز المالي وقائمة الدخل يعكسان مصادر التغير في حقوق الملكية والتي تتمثل في الآتي :-
v الاستثمارات الإضافية المقدمة من أصحاب رأس المال .
v توزيعات على أصحاب رأس المال وتشمل توزيعات الأرباح على رأس المال المستثمر أو توزيعات تمثل استرداد أو تخفيض لرأس المال .
v وقد تكون توزيعات الأرباح إما نقداً أو عيناً وهي توزيعات تؤثر على إجمالي حقوق الملكية غير أن هناك توزيعات لا تؤثر على إجمالي حقوق الملكية وإنما تؤثر على مكونات هذه الحقوق ويتم هذا النوع الأخير من التوزيعات عن طريق إصدار أسهم مجانية ( stock dividends )، فالأسهم المجانية هي مجرد تحويل من الأرباح المحتجزة وجعلها غير قابلة للتوزيع .

v أما توزيع رأس المال أو تخفيضه فقد يتم عن طريق شراء أسهم رأس المال والذي قد يكون بصورة نهائية مقابل تخفيض نهائي لحقوق الملكية أو قد يكون بصورة مؤقتة عن طريق ما يعرف بشراء أسهم الخزينة ، وشراء أسهم الخزينة في جوهره هو نوع من التخفيض المؤقت لحقوق الملكية إلي حين قيام المنشأة بإعادة إصدار هذه الأسهم لذلك لا تعتبر أسهم الخزينة أصلاً من أصول المنشأة .

v أما الصورة الأخرى لتوزيع رأس المال فيتم عن طريق إجراء توزيعات التصفية وهي توزيعات تزيد عن مقدار الربح المحتجز مما تعد معه تخفيضاً لرأس المال .

4- مفهوم التغير في حقوق الملكية :-
v إن التغير في حقوق الملكية هو حلقة الربط بين قائمة الدخل وقائمة المركز المالي.
v تشتمل قائمة التغير في حقوق الملكية على تيارين أساسيين هما :-
§ الاستثمارات الإضافية المقدمة منهم بصفتهم ملاكاً للمشروع ، وقد تتم بصورة نقدية أو عينية .
§ التوزيعات على أصحاب رأس المال وقد تتم بصورة توزيعات أرباح محتجزة أو استرداد لرأس المال .

5- مفهوم قائمة التدفق النقدي :-
v يتبين لنا من قائمة الدخل أنها عبارة عن بيان نتائج العمليات الإيرادية في المنشأة والتي لا توضح لنا مقدار التغيرات في المركز المالي مما أبرز أهمية الحاجة إلي قائمة التغيرات في المركز المالي لتصبح جنباً إلي جنب مع قائمة الدخل وقائمة المركز المالي .
v ومن المشاكل الرئيسية التي تثيرها هذه القائمة هو تحديد مفهوم الأموال، فقد يقصد بالأموال النقدية وما في حكمها، أو أصول النقدية، أو صافي الأصول النقدية، أو رأس المال العامل، كما تواجهنا مشكلة التمييز بين الأصول والخصوم النقدية وغير النقدية وترتيباً على ذلك .
v تتعدد الممارسات المحاسبية في مجال إعداد قائمة التغير في المركز المالي الأمر الذي أضر بمصالح مستخدمي التقارير المالية .
v وقد أدى ذلك إلي تزايد الاتجاه نحو قائمة التدفقات النقدية التاريخية لأغراض التنبؤ بالتدفقات النقدية المستقبلية ، من هنا جاء موقف مجلس معايير المحاسبة الأمريكي الذي يقضي بوجوب إعداد قائمة التدفقات النقدية ( cash flows ) بدلاً من قائمة التغير في المركز المالي وقد حدد الهدف من إعداد هذه القائمة هو مساعدة المستخدمين والمقرضين في المجالات التالية :-
§ التنبؤ بالتدفقات النقدية المستقبلية .
§ التقييم الارتدادي (
feed back ) للتدفقات النقدية الحالية .
§ تقييم قدرة المنشأة على إجراء توزيعات للأرباح .
§ تحديد مصادر الاختلاف بين صافي الدخل وصافي التدفقات النقدية .

v ويلاحظ أنه لتحقيق هذه الأهداف يجب الأخذ بمفهوم النقدية الداخلة والخارجة وليس أي مفهوم آخر للأموال ومن أمثلة العناصر النقدية ( أوراق القبض، المدينين، استثمارات قصيرة الأجل لا تزيد مدة استحقاقها عن ثلاثة شهور )، ولتحقيق أهداف هذه القائمة يتعين تبويب التدفقات النقدية إلي ثلاثة مجموعات :

* الأولى: تدفقات نقدية من النشاط الاستثماري وتشمل:
v متحصلات بيع الاستثمارات في الأوراق المالية أو بيع أي أصل آخر خلافاً للمخزون السلعي .
v مدفوعات مقابل زيادة الاستثمارات في الأوراق المالية أو شراء أي أصل آخر بغرض الاقتناء وليس بغرض البيع.

* الثانية: تدفقات نقدية من النشاط التمويلي وتشمل :
v متحصلات من إصدار الأسهم والسندات أو أي مصدر تمويلي آخر ( اقتراض ) .
v المدفوعات في شكل توزيعات أرباح أو سداد قروض طويلة الأجل .

* الثالثة: تدفقات نقدية من النشاط التشغيلي:
وتمثل الآثار النقدية للعمليات والأحداث التي تدخل في صافي الربح وتشمل :
أ. متحصلات بيع السلع أو تحصيل الحسابات المدينة وكذلك عوائد الاستثمار في الأوراق المالية أو أي نشاط آخر لا يدخل في دائرة الاستثمارات أو التمويلي .
ب. المدفوعات مقابل تكلفة البضاعة المباعة المقدمة للعملاء وكذلك مقابل سداد الحسابات الدائنة والمدفوعات عن فوائد القروض وسداد الضرائب .

وفي جميع الأحوال يتعين الإفصاح عن كافة العمليات بحيث يتم التمييز بين صافي التدفق النقدي لكل نشاط من الأنشطة المذكورة على حدة .

وفيما يتعلق بصافي التدفق النقدي من النشاط التشغيلي فيمكن تحديده بإحدي طريقتين :-
v الطريقة المباشرة: وطبقاً لهذه الطريقة يتم تحديد العناصر الأساسية المكونة للتدفقات الداخلة والخارجة الناتجة عن النشاط التشغيلي مثل المتحصلات النقدية من المبيعات ومن العملاء والمدفوعات للمشتريات وسداد الموردين وتتميز هذه الطريقة بأنها توفر معلومات أكثر تفصيلاً عن الآثار النقدية لأوجه النشاط التشغيلي وتعتبر أكثر فائدة في تقييم الوضع النقدي، إلا أنه يعاب علىها بما ترتبه من أعباء إضافية خاصة بنظام المعلومات المحاسبية الذي يعتمد على أساس الاستحقاق وليس الأساس النقدي.
v الطريقة غير المباشرة: فهي تبدأ برقم صافي الربح الظاهر في قائمة الدخل ثم يتم تعديله بعناصر الإيرادات والمصروفات التي لا يترتب علىها تدفق نقدي مثل المقدمات والمستحقات والإستهلاكات و كافة التسويات المحاسبية الأخري .
v وتتميز هذه الطريقة بأنها توفر معلومات لمستخدمي التقارير المالية حول كيفية الانتقال من الأرقام المحاسبية إلي تيارات نقدية مما يكسب مستخدمي التقارير المالية القدرة على تحويل وتعديل القوائم المالية لفترات عديدة مما يوفر لهم معلومات عن التدفقات النقدية لعدد من الفترات تساعدهم على التنبؤ بالمستقبل .

ويجدر في الختام أن نبين أهمية التكامل بين القوائم المالية الأساسية كما يلي :-
1. إن قائمة المركز المالي تتضمن معلومات عن الهيكل التمويلي للمنشأة وبالتالي يمكن استخدامها في مجال تقييم السيولة والمرونة التمويلية .
2. إن قائمة الدخل تعطينا معلومات هامة عن قدرة المنشأة على تحقيق الأرباح وسوف تكون هذه المعلومات ذات مضمون أشمل وأعمق إذا ما تم ربطها بالمعلومات الواردة في قائمة المركز المالي.
3. إن قائمة التدفق النقدي تعطينا معلومات عن التدفقات النقدية الحالية (التاريخية) والتي تتأثر بطبيعة الحال بنشاط الفترة السابقة مما يجعلها ذات فائدة محدودة في مجال التنبؤ بالمستقبل إلا أنه بربط المعلومات الواردة في هذه القائمة مع قائمة الدخل فإنها ستكون ذات فائدة للتنبؤ .
4. إن قائمة التغير في حقوق الملكية توفر لنا معلومات عن مصادر التغير في عناصر المركز المالي، إلا أن هذه المعلومات لن تكون ذات فائدة إلا إذا استخدمت جنباً إلي جنب مع المعلومات الواردة في القوائم المالية الأخرى .

*خامساً : مفاهيم عناصر القوائم المالية :-
v تعد القوائم المالية تمثلاً للواقع الاقتصادي للوحدة المحاسبية في نهاية الفترة المحاسبية، وأن المؤشرات المالية المستخدمة فيها ما هي إلا مقاييس عمة للحكم على الأداء الإجمالي للمنشأة، غير أن دراسة مكونات هذه العناصر الإجمالية بشكل أكثر تفصيلاً يعتبر أكثر فائدة وفعالية في التعبير عن الوقائع المالية .
v والتبويب في القوائم المالية يكون على أساس تجميع البنود items المتشابهة في مجموعات من العناصر الأساسية بهدف إنتاج أكبر قدر من المعلومات المفيدة لمستخدمي التقارير المالية، وهذا التبويب يتم عادة على أسس وخصائص معينة بدورة النشاط الاقتصادي .

v يمكن حصر العناصر الأساسية للقوائم المالية في عشرة عناصر منها سبعة عناصر تتعلق بالوحدات التجارية وغير التجارية وهي :-
( الأصول، الخصوم، حقوق الملكية "صافي الأصول"، الإيرادات، المصروفات،
المكاسب والخسائر )، .

أما العناصر الثلاثة الأخرى فترتبط فقط بالوحدات التجارية وهي ( استثمارات أصحاب المشروع، التوزيعات على أصحاب المشروع، صافي الدخل )، .
ولدراسة هذا الموضوع يم تناوله في ثلاثة مجموعات من المفاهيم كالآتي :-
1. المفاهيم الخاصة بالأرصدة .
2. المفاهيم الخاصة بالتدفقات .
3. المفاهيم الخاصة بالتغيرات في حقوق الملكية .
(1) المفاهيم الخاصة بالأرصدة :-
تتناول الأرصدة ثلاثة عناصر أساسية هي : " الأصول، الخصوم، حقوق الملكية " .

(أ) مفهوم الأصول : -
v عرف مجمع المحاسبين القانونيين ( AICDA ) الأصول على أنها كل ما يتمثل في رصيد المدين يتعين ترحيله للفترة القادمة بعد إقفال الحسابات طبقاً للمبادئ المحاسبية المتعارف علىها وذلك باعتبار أن هذا الرصيد المرحل يتمثل في قيمة معينة من الممتلكات أو المصروفات المؤجلة التي تخص الفترات المقبلة .
v وقد استقر رأي مجلس معايير المحاسبة الأمريكي على تعريف الأصول بأنها:
v " منافع اقتصادية متوقع الحصول علىها في المستقبل ، وأن الوحدة المحاسبية قد اكتسبت حق الحصول على هذه المنافع أو السيطرة علىها نتيجة أحداث وقعت أو عمليات تمت في الماضي.

v ويلاحظ على التعريف الأول أنه يؤكد على الملكية القانونية كصفة من صفات الأصل كما أنه أدخل ضمن عناصر الأصول المصروفات المؤجلة التي لم يتمكن المحاسب من تحميلها على قائمة الدخل أي أن هذا التعريف يعطي الأولوية لاعتبارات تحديد الدخل كما يدخل القواعد والمبادئ المحاسبية ضمن محددات هذا المفهوم .
v أما التعريف الثاني فيعتبر تطوراً جذرياً في تحديد معني الأصول، وهو يتميز بثلاثة خصائص رئيسية هي :
· وجود منافع اقتصادية مستقبلية أي أن للأصل قدرة مباشرة أو غير مباشرة على تزويد المنشأة بالخدمة أو المنفعة بهدف تحقيق تدفقات نقدية موجبة في المستقبل .
· قدرة المنشأة على التحكم أو السيطرة على هذه المنافع بمعني وجود ارتباط بين المنشأة والأصل بحيث يكون في استطاعة المنشأة الحصول على المنافع أو الخدمات لنفسها أو تمكين الغير منها .
· أن تكون القدرة على التحكم في المنافع قد نتجت عن الأحداث أو عمليات تمت فعلاً في الماضي والتي تخولها حق السيطرة والحصول على هذه المنافع .

ويمكن أن يتم تقديم الأصل للخدمات المستقبلية بإحدي الصور التالية :
· إمكانية مبادلة الأصل بأي شيء آخر له قيمة بالنسبة للمنشأة .
· إمكانية استخدام الأصل داخلياً في تحقيق نشاط له قيمة بالنسبة للمنشأة .
· إمكانية استخدام الأصل للوفاء ببعض الإلتزامات المتعلقة بالمنشأة .

v وفيما يتعلق بوجود خاصية منافع اقتصادية مستقبلية من الأصل هو وجود سعر تبادلي للأصل مع ملاحظة أن عدم توافر سعر سوق أو عدم إمكانية تبادل الأصل في الأسواق لا يعتبر دليلاً قاطعاً على عدم إمكانية تبادل الأصل.

v فليس من الضروري أن يكون الأصل قابلاً للتداول أو التصرف فيه، فمثلاً نجد أن البضاعة تحت التشغيل أو الأصول الثابتة ذات الاستخدام المتخصص أو شهرة المحل تعتبر جميعاً أصول للمنشأة رغم عدم إمكانية التصرف فيها بالتداول إلا أنه لها قيمة استثمارية بالنسبة للنشاط الإنتاجي للمنشأة .

v كما أن تحمل التكلفة ليس دليلاً قاطعاً على وجود الأصل ، فقد لا تحقق التكلفة الهدف المرجو منها فتصبح من بنود الخسائر، كما قد تحصل المنشأة على بعض الأصول دون تحمل تكاليف كما في حالة الهبات والتبرعات، كما قد تنشأ بعض الأصول دون تحمل تكاليف كنتيجة للنمو الطبيعي للموارد أو الاكتشافات الطبيعية أو التغيرات في الأسعار، الأمر الذي يعني ضرورة التفرقة بين الأصل وبين طريقة الحصول علىه، فالأصل في جوهره يعتبر منافع اقتصادية متوقعة، أما التكلفة فهي أحد الآثار التي قد تترتب على تدبير هذا الأصل .
v وفيما يتعلق بخاصية قدرة المنشأة على التحقق والاستفادة من منافع الأصل فإنه عادة ما يستند ذلك إلي حقوق قانونية، إلا أنه من ناحية أخري يلاحظ أن غياب الأسانيد القانونية ليس دائماً دليلاً قاطعاً على عدم وجود الأصل وكمثال على ذلك حالة الشراء التأجيري للأصل حيث أن للمنشأة القدرة في التحكم في ا لمنافع المستقبلية للأصل دون أن يكون في ملكيتها أو حيازتها قانونياً ومثال آخر على ذلك في حالة سيطرة المنشأة على اكتشاف أو اختراع معين مع المحافظة على سرية هذا الاكتشاف والاختراع .

v وفيما يتعلق بخاصية حدوث عمليات في الماضي كأحد الاعتبارات للاعتراف محاسبياً للأصل فإنه من الأمثلة على ذلك المخزون من البترول في باطن الأرض حي لا يعتبر ضمن المخزون إلا بعد وقوع عمليات اكتشافه والحصول على حق استخراجه .

(ب) مفهوم الخصوم : -
v قدمت لجنة المصطلحات التابعة لمجمع المحاسبين القانونيين الأمريكيين تعريفاً للخصوم على أنها كل ما يتمثل في رصيد دائن يلزم ترحيله للفترة القادمة بعد إقفال الحسابات وذلك طبقاً للقواعد والمبادئ المحاسبية المتعارف على ها وهي تشتمل على الالتزامات المتعلقة بالدائنين ، حملة الأسهم، وأي عناصر دائنة مؤجلة للفترات القادمة.

v وفي عام 1985م استقر رأي مجلس معايير المحاسبة الأمريكي عل تعريف الخصوم بأنها منافع اقتصادية من المتوقع التضحية بها مستقبلاً في شكل التزام قائم بالفعل على الوحدة المحاسبية من خلال تحويل أصول أو تقديم خدمات لوحدات أخري وذلك نتيجة أحداث وقعت في الماضي .

v ويلاحظ على التعريف الأول أنه يأخذ بوجهة نظر الشخصية المعنوية في تعريف الخصوم، حيث أدخل في نطاقها حقوق الملكية بالإضافة إلي الإلتزامات تجاه الدائنين كما أعطي هذا التعريف أهمية للقواعد والمبادئ المحاسبية المتعارف علىها ضمن محددات المفهوم.

v أما التعريف الثاني فيعتبر تطوراً جذرياً في تحديد مفهوم الخصوم وقد تميز بثلاثة خصائص رئيسية هي :-
v وجود التزام حالي بتحمل تضحية اقتصادية مستقبلاً وذلك سواء بنقل ملكية بعض الأصول لصالح الالتزام سواء كان واجب الأداء حالاً أو في تاريخ محدد أو عند وقوع حدث معين .
v ارتباط الالتزام بالمنشأة بصفة محددة وقاطعة أي بمعني عدم إمكانية تجنب هذا الالتزام وأن علها الوفاء به دون قيد أو شرط .
v أن تكون الأحداث أو العمليات التي ترتبت على قيام الالتزام قد حدثت فعلاً في الماضي .

ويتبين من الخصائص المذكورة أنها تدور حول فكرة أساسية هي وجود تضحية اقتصادية مستقبلية وأن الدليل المعتاد على نشوء هذا الالتزام هو وجود تعاقد أو اتفاق أو تعليمات من الجهة المنظمة أو المسيطرة على النشاط، إلا أنه من ناحية أخري ليس من الضروري وجود سند قانوني يؤيد قيام هذا الالتزام لأن مفهوم الخصوم محاسبياً أشمل وأعم من المفهوم القانوني، فقد تتربت الالتزامات نتيجة للعرف التجاري السائد في الزمان والمكان كما قد تنشأ بناءً على اعتبارات اجتماعية أو أخلاقية ، ومن ناحية أخري أيضاً يجب أن لا يتم التوسع في هذا التفسير خشية إدخال مفردات ليست من الخصائص الرئيسية للخصوم، كما لا ينبغي تفسيرها بشكل أضيق مما ينبغي حتى لا يتم استبعاد مفردات تعد في جوهرها من عناصر الخصوم ، أي أنه يتعين القول أن غياب السند القانوني ليس دليلاً كافياً لاستبعاد مفردة معينة من الخصوم، وفي جميع الأحوال فإن ذلك يلقي على المحاسب عبئاً يتمثل في الحاجة الماسة للتقييم الموضوعي للأوضاع والظروف المحيطة .

وعادة ما تحصل المنشأة على مقابل نظير قبول الالتزام، إلا أن وجود هذا المقابل لا يعتبر في الوقت نفسه شرطاً ضرورياً للاعتراف محاسبياً بأحد عناصر الخصوم، وذلك كما في حالة فرض الضرائب .
ويلزم التفرقة هنا بين الالتزامات الحالية والالتزامات المستقبلية ، فالخصوم تتمثل فقط في الالتزامات الحالية والتي تكون قد نشأت نتيجة أحداث وعمليات تمت في الماضي ، وترتيباً على ذلك لا تعتبر الاحتياطيات التي تكونها المنشأة لمقابلة أحداث متوقعة خصوماً مثل احتياطي التجديدات أو التوسعات وغيرها .
لذلك يمكن القول بأن نشأة الخصم قد تكون مصاحبة بوجود مقابل كما قد يكون دون مقابل على الإطلاق، كذلك ليس من الضروري يعتمد وجود الخصوم على أسانيد قانونية، وأخيراً يلزم التنبيه إلي أن خصوم الوحدة المحاسبية تأخذ نفس الحكم المرتبط بالأصول حيث تتأثر بعوامل كثيرة خارجة عن نطاق سيطرة المحاسب مثل تغير مستويات الأسعار ، تغير سعر الفائدة ... إلخ ،.

(ج) مفهوم حقوق المكلية :-
v عرَّف مجلس مبادئ المحاسبة الأمريكي مفهوم حقوق الملكية على أنها زيادة أصول المنشأة على خصومها وطبقاً لهذا التعريف فإن حقوق الملكية هي عبارة عن استبعاد خصوم المنشأ’ من أصولها وتتميز حقوق الملكية بالخصائص الآتية :-
· أنها تمثل حقوق متبقية
resoluble interest .
· أنها تأتي من مصدرين أساسيين هما: استثمارات أصحاب الحقوق (الأسهم)، وحقوق مكتسبة نتيجة الأرباح المتجمعة .

v فحقوق الملكية تأتي في المرتبة الثانية بعد الخصوم من حيث أولوية السداد وتمثل حقوق الملكية من حيث المقدار الحد الأقصى للتوزيعات التي يمكن أن تقوم بها المنشأة لأصحاب الحقوق المتبقية .
v إن الفرق بين حقوق الملكية وبين الخصوم يعتبر أمراً واضحاً من حيث المفهوم إلا أنه في التطبيق العملي قد تثار بعض المشكلات مثل السندات ذات الحق في التحويل إلي أسهم وكذلك الأسهم الممتازة التي لها أولوية في السداد أو ذات استحقاق محدد وبالنسبة لتبويب هذه الحقوق فيتم حسب الامتيازات التي تتمتع وحسب درجة المخاطرة التي تتعرض لها، فمثلاً يقسم رأس المال إلي أسهم عادية ، أسهم ممتازة مجمعة للأرباح، أسهم ممتازة واجبة السداد .

v ومن الجدير بالذكر في هذا المجال أن الوحدات التي لا تهدف إلي تحقيق الربح لا تستخدم مصطلح حقوق الملكية للتعبير عن الحقوق المتعلقة بأصحاب المشروع وإنما تستخدم عبارة ( صافي الأصول )، والسبب في ذلك هو عدم وجود رأس مال مستثمر لهذه الوحدات بالمعني المألوف في المشروعات التجارية كما أن هناك قيوداً قد تحد بشكل أو بآخر من حرية الوحدة في استخدام صافي أصولها وقد تكون هذه القيود دائمة أو تكون مؤقتة وهذه القيود تضع حدوداً على كيفية استخدام الموارد في تحقيق نشاط الوحدة المحاسبية فهي نوع من الرقابة أو التنظيم المفروض من قبل مقدمي الأموال وأخيراً يلزم التنبيه بضرورة المحافظة على صافي الأصول كما هو الحال في رأس المال في المشروعات التجارية وإلا تعرضت الوحدة إلي مشكلات عدم الاستمرارية والتوقف عن أداء مهامها .

(2) المفاهيم الخاصة بالتدفقات :-
تتكون التدفقات من العناصر الأساسية الآتية :
( الإيرادات والمصروفات ، المكاسب والخسائر ، الدخل الشامل) .

أ) مفهوم الإيرادات والمصروفات :-
هناك عدة تعريفات لمصطلح الإيرادات والمصروفات أهمها ما يلي :-
v التعريف المقدم من مجمع المحاسبين القانونيين الأمريكي حيث عرف الإيرادات على أنها كل ما ينتج من بيع السلع وتقديم الخدمات وتحدد قيمة الايرادات وفقاًَ لذلك.

v كما قدم مجلس مبادئ المحاسبة الأمريكي تعريفاً للإيرادات على أنها الزيادة الإجمالية في قيمة الأصول أو النقص في قيمة الخصوم الناتجة عن القيام بنشاط موجه لتحقيق الأرباح ، ويتم قياسها وفقاً لمبادئ المحاسبة المعتارف عليها .

v وأخيراً استقر رأي مجلس معايير المحاسبة الأمريكي على التعريف الآتي للإيرادات: " الإيرادات هي التدفقات الداخلة إلي الوحدة المحاسبية أو أي زيادة في أصولها أو تسديداً لخصومها التي تنشأ عن إنتاج وبيع السلع وتأدية الخدمات للغير ضمن الأعمال الرئيسية المعتادة للمنشأة " .

v ويلاحظ على التعريف الأول أنه يعكس بوضوح وجهة نظر قائمة الدخل حيث تم تعريف الإيراد باعتباره نشاط إنتاج، في حين يأخذ التعريف الثاني من وجهة نظر قائمة المركز المالي إذ تم تعريفه من زاوية أثره على عناصر الأصول والخصوم، أما التعريف الثالث فهو أكثر شمولاً حيث يجمع بين تحديد مصدر الإيراد وين أثره على عناصر الأصول والخصوم .

v وفيما يتعلق بالمصروفات فقد قدمت لجنة المصطلحات التابعة لمجمع المحاسبين القانونيين الأمريكي تعريفاً للمصروفات على أنها كل التكاليف المستنفذة التي يمكن خصمها من إيرادات الفترة.

v وفي عام 1985م استقر رأي مجلس معايير المحاسبة الأمريكي على تعريف المصروفات على النحو التالي : " هي التدفقات الخارجة من الوحدة أو أي نقص في أصولها أو زيادة في خصومها أو كليهما معاً والتي تنشأ عن إنتاج السلع أو بيعها وتأدية الخدمات للغير مما يشكل الأعمال الرئيسية المعتادة للمنشأة .

v ويلاحظ على هذا التعريف أنه يمثل تطوراً لمفهوم المصروفات على نفس النسق بالنسبة لمفهوم الإيرادات والقاعدة العامة هي أن المصروف يرتب علىه نقص في الأصول أو زيادة في الخصوم .

ب) مفهوم المكاسب والخسائر :-
v كان مفهوم التفرقة بين الإيرادات والمكاسب ثم بين المصروفات والخسائر في بداية التطور المحاسبي قاصراً على طريقة الإفصاح في القوائم المالية وقد عرف مجلس معايير المحاسبة الأمريكي المكاسب على أنها الزيادة في حقوق الملكية الناتجة عن العمليات العرضية أو الفرعية أو أي أهداف وظروف تؤثر على الوحدة المحاسبية خلافاً لتلك التي تتمثل في إيرادات استثمارات أصحاب الأموال، أما الخسائر فهي النقص في حقوق الملكية الناتجة عن العمليات العرضية أو الفرعية أو عن أحداث أو ظروف تؤثر على الوحدة المحاسبة خلافاً للمصروفات أو توزيعات متعلقة بأصحاب رأس المال.
v يلاحظ الاختلاف بينها وبين الإيرادات والمصروفات إلا أنه يجدر الملاحظة أن ما يمثل مكاسب أو خسائر بالمقارنة بالإيرادات أو المصروفات سوف يختلف من وحدة لأخرى وفقاً لاختلاف طبيعة النشاط واختلاف الظروف المحيطة، فمثلاً تعتبر الاستثمارات في الأوراق المالية أحد أوجه النشاط الرئيسي بالنسبة للبنوك وبالتالي تعتبر نتائج هذه العمليات إيراداً أو مصروفاً بينما يختلف الأمر بالنسبة للمشروعات الأخري حيث تعتبر مكاسب أو خسائر .
v كذلك قد تنشأ المكاسب أو الخسائر بسبب حيازة أو اقتناء الأصول أو الخصوم وذلك نتيجة تغيرات مستويات الأسعار أو تغيرات أسعار الصرف .
(ج) مفهوم الدخل الشامل :-
v قدم مجلس معايير المحاسبة الأمريكي تعريفاً لمفهوم الدخل الشامل بأنه عبارة عن التغير في حقوق الملكية الناتج عن العمليات والأهداف والظروف الخاصة بالفترة التي ليس لها صلة بأصحاب رأس المال بصفتهم ملاك للوحدة المحاسبية .

v يعكس التعريف بوضوح المفهوم الشامل للدخل إذ يشمل كافة التغيرات في حقوق الملكية باستثناء تلك الناشئة عن استثمارات أصحاب المشروع أي أن هذا المفهوم سوف يساوي صافي التدفقات النقدية من وإلي الوحدة بعد إستبعاد تلك التدفقات المتعلقة بتكوين رأس المال والتوزيعات التي تتم لأصحاب المشروع .

v وبموجب شمولية المفهوم المحاسبي لصافي الدخل (أو صافي الخسارة) يمكن تحديد مصادر رئيسية للدخل الشامل كما يلي :-
§ العمليات التبادلية أو التحويلية التي تجريها الوحدة المحاسبية مع الغير بخلاف أصحاب رأس المال .
§ النشاط الإنتاجي للوحدة المحاسبية وما يسفر عنه من منافع في شكل سلعة وخدمات .
§ نتائج تفاعل الوحدة المحاسبية مع الظروف البيئية المحيطة مثل تغيرات الأسعار و التغيرات التقنية ومما تسببه من تقادم، كوراث طبيعية ، سرقات، .... إلخ ،.

(3)المفاهيم الخاصة بالتغيرات في حقوق الملكية :-
إن من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلي تغير حقوق الملكية ما يلي :
· وجود صافي دخل أو صافي خسارة .
· وجود معاملات مع أصحاب رأس المال بصفته ملاكاً وفيما يتعلق بعناصر الدخل الشامل فقد سبق توضيحها ، أما المعاملات مع أصحاب رأس المال فتنقسم إلي نوعين هما :-
1. استثمارات أصحاب رأس المال :
وهي الزيادة في الاستثمارات الناتجة عن تحويل ملكية أصول أو تقديم خدمات مقابل الحصول على حقوق ملكية ، أي أنها معاملات في اتجاه واحد بين الوحدة وأصحابها، وبهذا تعتبر عمليات غير تبادلية بمعني أن الوحدة المحاسبية غير مطلوب إعطاء مقابل نظير هذه الاستثمارات .د

1. التوزيعات على أصحاب رأس المال :
وهي تعد في جوهرها استثمار سالب تتمثل في تحويل ملكية أصول إلي أصحاب حقوق ملكية أو تحمل بعض الالتزامات مقابل تخفيض مماثل في حقوق ملكيتهم وهذه التوزيعات تعتبر أيضاً في اتجاه واحد بمعني أنها غير تبادلية تمييزاً لها عن المعاملات التبادلية الأخرى التي تقع بين الوحدة المحاسبية والغير .

عن الكاتب

جروب معرفة المحاسبة

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

جروب معرفة المحاسبة